التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تونس

بطاقةُ تعارفٍ
نُبذةٌ عَنْ تونس
نبذة عامة عن تونس
الجمهورية التونسية هو اسم الدولة، وعاصمتها تونس، والرئيس زين العابدين بن علي هو رئيس الدولة، والنظام الجمهوري الرئاسي هو نظام الحكم.
وتقع تونس في شمالي إفريقيا، وتطل على البحر المتوسط من الشمال والشرق تحدها الجزائر من الغرب، وليبيا من الجنوب الشرقي، وتبلغ مساحتها 163.610 كيلو مترات مربعات.
الثروات الطبيعية التونسية
هي البترول، والفوسفات، والحديد الخام ، والزنك، والملح، والرصاص، والغاز.
ويبلغ عدد السكان 9.910.872 نسمة، والدينار التونسي هو العملة التونسية، واللغة العربية هي اللغة الرسمية وإحدى اللغات التجارية، واللغة الفرنسية هي اللغة الثانية.
وتبلغ نسبة المتعلمين 75.3%.
سياسة تونس
في 20 مارس 1956م استقلت تونس، و20 مارس هو اليوم الوطني.
وفي 1 يونيو تم إقرار الدستور، وقد تأسس مجلس النواب في عام 1965م. وفي عام 1974م انضمت للاتحاد البرلماني العربي، وفي عام 1975م انضمت للاتحاد البرلماني الدولي.
السُّكانُ
عددُ سكانِ جمهوريةِ تُونس
عدد سكان تونس
بلغ عدد سكان جمهورية تونس وفقا لتعداد مارس 1984م 6.966.173 نسمة، وقدر عدد السكان في سنة 1994م بأكثر من 8.5 مليون نسمة، وفي سنة 1998م 9.380.000 نسمة.
وقد بلغ عدد سكان تونس 9.910.872 نسمة حسب تعداد 2004م .
سكان الحضر والريف بتونس
بلغت نسبة سكان الحضر في سنة 1984م، 52.8% مقابل 47.5% في سنة 1975م، وقد قدرت في سنة 1989م بنحو 60%، وبلغت هذه النسبة 61% في سنة 1996م؛ ويرجع هذا التطور إلى هجرات بعض سكان الريف إلى المدن، وإلى إنشاء بلديات جديدة، وتوسع النطاق العمراني لبعض المدن.
وتوالي نسبة سكان الحضر زيادتها. ويتضح من تتبع توزيع السكان حسب الولايات أن إقليم تونس الكبرى الذي يضم ولاية تونس مع ولايتي أريانة وابن عروس، يحتل المرتبة الأولى من حيث الكثافة السكانية، ويضم هذا الإقليم أكثر من 20% من مجموع سكان البلاد وفقا لتعداد سنة 1994م، ويصل معدل الزيادة السنوية للسكان في هذا الإقليم إلى 3.2% وهو يمثل بذلك أعلى نسب الزيادة في البلاد ويصل معدلها إلى 2.5%.
إطار خطط التنمية التونسية
إن السياسة السكانية في إطار المخطط السابع (1987 - 1991م) رسمت الخطوط العريضة الهادفة إلى تحقيق انخفاض في معدل النمو السنوي للزيادة السكانية بحيث يصبح هذا المعدل 1.5% في سنة 2016م و1.1% في سنة 2021م.
وعلى أساس هذه الزيادة فإن عدد السكان يتوقع تطوره في سنة 2021م، إلى 14.183.000 نسمة.
تحول الديموجرافية التونسية
تؤكد الدراسات السكانية أن هناك انخفاضا ملموسا في معدل الزيادة السكانية، وهو الأمر الذي يشير إلى تحول في الديموجرافية التونسية؛ إذ تراجعت معدلات الوفيات بدرجة كبيرة فأصبحت في مستوى البلاد المتقدمة، كما انخفضت معدلات المواليد باستمرار وذلك باتباع أساليب التنظيم الأسري؛ ونتيجة لذلك وصلت نسبة النمو السكاني إلى أقل نسبة في القارة الإفريقية، وهي 1.9% في عام 1993م، بينما كانت 2.3% في عام 1987م، و3.2% في عام 1960م؛ وبهذا النسق من التزايد فإنه من المحتمل أن يصل عدد سكان تونس إلى 11.209.000 مليون نسمة في عام 2010م؛ ونتيجة هذا النمو هيمنت الفئات العمرية الشابة، إذ تمثل فئة ما دون العشرين سنة أكثر من نصف السكان، وبرغم هذا فهي في تراجع مستمر.
التوزيعُ الجغرافِيُّ للسكانِ
التوزيع الجغرافي للسكان بتونس
يتميز التوزيع الجغرافي للسكان بتونس بالتفاوت بين المناطق الساحلية الشرقية التي توجد بها كثافة سكانية مرتفعة في ولايتي تونس العاصمة وابن عروس 562 نسمة/كم²، وبين المناطق الداخلية والجنوبية التي تبدو شبه خالية 5.3 نسمة/كم² في ولايتي قبلي وتطاوين، ولكن متوسط الكثافة السكانية هو 57.1 نسمة/كم².
الهجرة الداخلية والنـزوح الريفي بتونس
ومما لا ريب فيه أن هذا التباين يستجيب لظروف طبيعية، وتاريخية وبشرية وكذلك إلى أولوية تركيز الاستثمارات الاقتصادية بالأقاليم الساحلية. ويشهد المجال التونسي نشاطا في الهجرة الداخلية والنزوح الريفي؛ مما أدى إلى تراجع نسبة السكان بالريف وارتفاع نسبة الحضر، وشهدت المراكز الحضرية (والساحلية خاصة) نموا سريعا وتوسعا عمرانيا كبيرا، وتهيمن المجموعة الحضرية لتونس العاصمة على ما لا يقل عن خمس مجموع سكان البلاد.
وتتجمع أهم المدن الأخرى على الواجهة الساحلية الشرقية وهي صفاقس، وسوسة، وبنـزرت، والمنستير، وقابس؛ وقد تسبب هذا الانفجار الحضري في بروز مشاكل السكن والبطالة وظهور الأحياء الكوخية والسكن العشوائي والزحف العمراني على الأرض الزراعية.
التعليمُ
التعليم التونسي
تولي الجمهورية التونسية التعليم أهمية كبيرة وينعكس ذلك على ازدياد عدد التلاميذ، فعلى سبيل المثال: كان عدد التلاميذ في المرحلة الابتدائية في العام الدراسي 1957 - 1958م، 266.288 تلميذا وأصبح هذا العدد في العام الدراسي 1994 - 1995م، 1.472.844 تلميذا، وكان عدد المدارس الابتدائية عام 1957 - 1958م، 820 مدرسة، وأصبح عدد المدارس في عام 1994 - 1995م، 4286 مدرسة.
وكان عدد الطلاب في المرحلة الثانوية في عام 1957 - 1958م، 32.149 طالبا في 63 معهدا ثانويا، أصبح عددهم في عام 1994 - 1995م، 662.222 طالبا في 712 معهدا ثانويا.
أما بالنسبة للتعليم الجامعي ففي تونس ست جامعات، أربع منها بالعاصمة، وواحدة بالوسط، وأخرى بالجنوب، وتضم هذه الجامعات 86 مؤسسة للتعليم العالي يعمل بها نحو 5500 مدرس، وقد بلغ عدد طلاب التعليم العالي في عام 1994 - 1995م 96،101 طالب.
الصحةُ
قطاع الصحة في تونس
اهتمت الدولة بقطاع الصحة منذ الاستقلال فطورت التجهيزات الصحية في المستشفيات وضاعفت الجهود في مجالات تدريب الأطباء والصيادلة، وقد بلغ عدد الأطباء في عام 1994م، 5344 طبيبا، وبلغ عدد الصيادلة في عام 1992م، 1570 صيدليا، وبلغ عدد الأسرة في المستشفيات العامة فقط في عام 1994م، 15.759 سريرا، وتصل كثافة الأطباء إلى طبيب لكل 1640 نسمة، وطبيب أسنان لكل 8685 نسمة، وصيدلي لكل 5906 نسمات، وسرير لكل 556 نسمة.
وتولي تونس التعليم الطبي اهتماما كبيرا، حيث توجد كلية للطب بالعاصمة تونس، وثلاث في كل من سوسة وصفاقس والمنستير، وتوجد كذلك كلية للصيدلة وكلية لطب الأسنان، وهناك مدارس الصحة العمومية، التي تخرج سنويا مئات الممرضين والقابلات وفنيي المعامل والمختبرات.
النظامُ السياسيُّ
نظامُ الحكمِ
نظرة عامة على تونس
في 25 يوليو سنة 1957م ألغي النظام الملكي وتم إعلان النظام الجمهوري، وفي يونيو سنة 1959م تم إصدار دستور جديد يعد دستورا ديمقراطيا، يعترف بحرية الرأي والتعبير والصحافة والنشر والاجتماع والتجمع.
النظام الجمهوري التونسي
هو نظام رئاسي، حيث يتولى رئيس الجمهورية منصب رئيس الوزراء أيضا، ويتم انتخابه لمدة 5 سنوات بالاستفتاء العام ويمكن أن يعاد انتخابه ثلاث مرات متتالية.
عهد الحبيب بورقيبة
ترأس الجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة من سنة 1959م إلى 1987م، ثم تولى الوزير الأول زين العابدين بن علي رئاسة الجمهورية في يوم 7 نوفمبر 1987م بناء على الفصل 57 من الدستور التونسي الذي ينص على أن يتولى الوزير الأول رئاسة الجمهورية في حالة عجز أو وفاة رئيس الجمهورية، وذلك لأن الرئيس بورقيبة أصبح آنذاك غير قادر على تولي شؤون البلاد، وقد اتسم الحكم في فترة رئاسة الرئيس بورقيبة بحكم الحزب الواحد، وهو الحزب الدستوري الذي قاد الحركة الوطنية حتى استقلال البلاد في سنة 1956م، على الرغم من وجود بعض المنظمات القومية كالمنظمة العمالية والاتحاد العام التونسي للشغل.
الانتخابات التونسية
في سنة 1989م نظمت أول انتخابات شاركت فيها كل الأحزاب المعترف بها ومنها: الحزب الشيوعي التونسي، وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين، وحزب الوحدة الشعبية، والحزب الاجتماعي للتقدم، والاتحاد الديمقراطي الوحدوي، وأسفرت هذه الانتخابات عن فوز الحزب الحاكم وهو التجمع الدستوري الديمقراطي. وفي مارس سنة 1994م تم اختيار الرئيس زين العابدين بن علي لفترة رئاسية ثانية لمدة 5 سنوات.
ومن المؤسسات السياسية التونسية: مجلس النواب الذي يضم 141 عضوا يتم انتخابهم انتخابا عاما مباشرا كل 5 سنوات، ومجلس الدولة، ويتكون من هيئتين هما: المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات.
وهناك المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهو هيئة استشارية تسهم في الحوار والتشاور بين مختلف أجهزة الدولة حول سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية، أما المجلس الدستوري فيبدي الرأي حول مدى مطابقة مشروعات القوانين لأحكام الدستور.
وينظر المجلس الإسلامي الأعلى في المسائل المتعلقة بالدين والنواحي الفقهية والاجتماعية.
تاريخُ الدولةِ
الحضارةُ القديمةُ لتُونس
حضارة قرطاج بتونس
نشأت في تونس حضارة قديمة تمثلت في مدينة قرطاج، التي تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد، أسسها قادة فينيقيون جاءوا من مدينة صور.
وقد نشطت تجارة قرطاج تدريجيا حتى تمكنت من السيطرة على البحر المتوسط، وفي مطلع القرن الخامس قبل الميلاد تمكن تجارها ومستكشفوها من الوصول إلى الشاطئ الإفريقي حتى «سيراليون».
وحققت قرطاج ثروات هائلة من تجارتها الواسعة، وكان لهذه المدينة مجلس وجمعية شعبية، ثم تركزت السلطة بعد ذلك في أيدي القضاة وحاكمين ينتخبان سنويا.
وقد أدى التنافس بين هذين الحاكمين وتضارب سياساتهما إلى ضعف قرطاج.
قرطاج والرومان
بسطت قرطاج سيطرتها على سردينيا ومالطة وجزر البليار في القرن الخامس قبل الميلاد، كما حاولت السيطرة على صقلية، وذلك بعقد تحالف مع الرومان وبعض المدن الإغريقية، ولكنها لم تفلح في السيطرة عليها؛ بسبب هزيمة قائدها هاميلكار (وهو اسم شاع كثيرا بين الأسر القرطاجية) أمام جلون في معركة هيمرا في عام 480ق.م.
وقد حاول هانيبال حفيد هاميلكار مرة أخرى السيطرة على صقلية إلا أن سيراقوسة صدت القرطاجيين.
الحروب البونية
في القرن الثالث قبل الميلاد تمكنت قرطاج من السيطرة على البحر المتوسط؛ مما أثار روما ضدها، واعتبرت ذلك تحديا لها، فدارت بينهما عدة حروب عرفت بالحروب البونية، وفي أول هذه الحروب فقدت قرطاج صقلية، وإثرها تعرضت قرطاج لانقسام شديد داخل صفوف قواتها؛ بسبب نشوب ثورة المرتزقة من الجنود الذين كانت قرطاج تعتمد عليهم كثيرا، وتمكن هاميلكار من إخماد الثورة وعوض بلاده عن فقد صقلية بالاستيلاء على أسبانيا؛ مما أثار مخاوف روما مرة أخرى، وأسهم في نشوب الحرب البونية الثانية (218 - 202 ق.م) .
على الرغم من مهارة هانيبال (القائد القرطاجي المعروف)، إلا أن عدم وصول الإمدادات إليه (بسبب انقسام قرطاج على نفسها) أدى إلى هزيمة قوات قرطاج هزيمة ساحقة، وفقدت في هذه الحرب كل سفنها الحربية تقريبا، وممتلكاتها خارج إفريقيا، مما اضطرها إلى عقد صلح مع روما يقضي بدفع غرامة مالية كبيرة.
عصر الرومان ونهاية قرطاج
استمرت تجارة قرطاج وتوسعت، فقويت شوكتها مرة أخرى، وأخذت المخاوف تساور روما ثانية فنشبت الحرب البونية الثالثة (149 - 146 ق.م) التي انتهت بالقضاء على قوة قرطاج تماما، وتدمير المدينة ذاتها.
أعاد يوليوس قيصر بناء مدينة قرطاج مرة أخرى، وأصبحت مركزا هاما للإدارة الرومانية، وفي القرن الثالث الميلادي كانت قرطاجة أحد معاقل النصرانية، وظلت كذلك حتى تمكن القائد الإسلامي ابن النعمان في عام 79هـ، 698م من فتحها للإسلام.
الفتحُ الإسلاميُّ لتونس
الفتح الإسلامي لتونس
بدأت غزوات العرب المسلمين لفتح إفريقية وما يليها من بلاد المغرب بحملة العبادلة التي قادها عبد الله بن أبي السرح في سنة 25هـ، 645م، في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان، ثم تلتها حملة عقبة بن نافع الفهري في سنة 50هـ، 670م، وحملة زهير بن قيس البلوي في سنة 69هـ، 688م.
ولم يستقر للإسلام سلطان بإفريقية إلا بحملة حسان بن النعمان الثانية في سنة 84هـ، 703م، فقامت بها ولاية مستقلة عن مصر جعلت قاعدتها مدينة القيروان، التي كان عقبة بن نافع قد أسسها في سنة 50هـ، وأعاد الوالي موسى بن نصير فتح بقية بلاد المغرب في سنة 88هـ، 706م، ووطد دعائم الإسلام فيها، ثم انطلق لفتح الأندلس في سنة 92هـ، 710م.
بيد أن السلم لم يستتب بتلك الولاية طوال عهد الولاة إلى سنة 184هـ، 800م، غير أن ذلك لم يمنع بعضهم من تشييد حضارة ونشر دين وثقافة.
ومن مآثرهم: بناء جامع الزيتونة بمدينة تونس في سنة 114هـ، 732م، ورباط المنستير، وسور طرابلس الغرب في سنة 180هـ، 796م، وفتح جزيرة صقلية.
وقد مهدت تلك الاضطرابات لانقسام الولاية خلال القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) إلى أربع دول مختلفة فيما بينها مذهبيا وسياسيا، وكلها متفقة على مناوأة الخلافة العباسية ببغداد ما عدا دولة بني الأغلب، وقد تعاقبت منذئذ على إفريقية أسر حاكمة ودول، لكن ما من دولة قويت بها إلا سعت لمد سلطانها لاستعادة وحدة بلاد المغرب.
دولة الأغالبة بتونس
استمرت دولة الأغالبة من عام (184 - 296هـ،800 - 909م). وقد أسس هذه الدولة إبراهيم بن الأغلب. ولاه الخليفة هارون الرشيد إفريقية في سنة 184هـ، ثم استجاب لطلبه في الإمارة، وجعلها وراثية في نسله من بعده، فحكم إفريقية من الأغالبة أحد عشر أميرا فترة تزيد على القرن، تمتعوا خلالها باستقلال واسع عن الخلافة العباسية ببغداد.
بيد أن علاقتهم بجيرانهم الرسميين والأدارسة والأمويين كان يغلب عليها الفتور والتوتر؛ لما ظل يحلم به أمراء بني الأغلب من إعادة توحيد بلاد المغرب تحت راية العباسيين.
وإن لم يمنع ذلك من بقاء حركة التبادل التجاري والثقافي قوية بين دويلات بلاد المغرب، كما لم يحل دون قيام تعاون بينها في الأزمات.
الحضارة الأغلبية
وقد عرفت إفريقية في العهد الأغلبي فترات ازدهار وقوة، وأصبحت من الأقاليم الإسلامية الكبرى التي أشعت بحضارتها على المغرب العربي وجزر البحر المتوسط وأوروبا وجنوبي الصحراء الكبرى. خاصة في عهد إبراهيم الأول (184 - 196هـ)، الذي أسس الدولة ووطد أركانها، وفي عهد ابنه زيادة الله الأول (201 - 223هـ)، الذي وجه جيشا بقيادة أسد بن الفرات في سنة 212هـ لفتح جزيرة صقلية.
فتوحات الأغالبة
شن الأمير محمد الأول (226 - 242هـ)، حملة على مدينة روما نفسها في سنة 232هـ، 846م، فاقتحمت عساكره أسوارها وعادت بغنائم وأسلاب كثيرة. وكذلك في عهد الأمير إبراهيم الثاني (261 - 289هـ) الذي ثبت أقدام المسلمين بصقلية، وواصل الفتوحات في جنوبي إيطاليا، وبنى مدينة رقادة وأسس بها بيت الحكمة، على غرار بيت الحكمة ببغداد؛ تشجيعا للحركة الفكرية والعلمية التي كانت قائمة بجامع عقبة بن نافع بالقيروان وجامع الزيتونة بتونس، وأنجبت علماء من أمثال القاضي أسد بن الفرات والإمام سحنون بن سعيد.
كما عرفت إفريقية فترات اضطراب وضعف في عهد الأمير زيادة الله الثالث (290 - 296هـ)؛ مما سهل للشيعة الاستيلاء على القيروان في سنة 296هـ، 909م.
الدولة العبيدية الفاطمية
استمرت الدولة العبيدية الفاطمية من عام (296 - 362هـ، 909 - 972م).
وأول من تولى الحكم من الفاطميين بإفريقية هو عبيد الله الملقب بالمهدي، وبه سميت الدولة العبيدية، وقد مهد له السبيل الداعية الشيعي الإسماعيلي أبو عبد الله الصنعاني الذي نجح في استمالة قبيلة كتامة لدعوته، وأتى به إلى القيروان حيث نصبه خليفة للمسلمين، ولقبه بأمير المؤمنين في سنة 297هـ، 910م؛ وبذلك كان عبيد الله المهدي (297 - 322هـ) أول من لقب بالخليفة، وقد بنى مدينة المهدية على ساحل إفريقية ونقل إليها كرسي ملكه.
وفي تلك الأثناء أرسل المهدي جيشا لغزو مصر في سنة 307هـ، 919م، كما أرسل أسطوله إلى صقلية فأخضعها. وخلفه ابنه القائم بأمر الله (222 - 234هـ)، فاعتنى بشأن الأسطول، وسير قوات إلى بلاد الروم فافتتحت مدنا وقلاعا، وغزت كورسيكا وساردينيا وغيرهما.
توسعات الدولة العبيدية الفاطمية
وقد تمرد أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي (صاحب الحمار) في سنة 326هـ، 938م على الدولة العبيدية، وكاد أن يقضي هذا التمرد على الدولة الفاطمية، ولم يخمد ذلك التمرد إلا على يد الخليفة المنصور بالله (334 - 341هـ)، وذلك بمساعدة قبيلتي كتامة وصنهاجة بقيادة زيري بن مناد. وقد خلد المنصور بالله انتصاره ببناء مدينة المنصورية واتخاذها عاصمة له في سنة 337هـ، 948م.
وتسلم الخلافة بعده ابنه المعز لدين الله (341-365هـ) والبلاد آمنة مطمئنة، فسير وزيره القائد جوهرا بجيش كثيف إلى فاس وسجلماسة، وانقادت له بلاد المغرب كلها ما عدا سبتة، وجاءت الأنباء بموت كافور الإخشيدي، فوجه المعز القائد جوهرا إلى مصر، ففتحها في سنة 358هـ واختط مدينة القاهرة المعزية، وأقام الدعوة للمعز بمصر والشام والحجاز.
وفي أواخر سنة 361هـ خرج المعز من المنصورية إلى القاهرة، فدخلها في 5 رمضان 362هـ، وجعلها مقر ملكه وملك الفاطميين إلى آخر أيامهم.
الدولة الصنهاجية بتونس
استمرت الدولة الصنهاجية من سنة (362 - 543هـ، 973 - 1148م). حيث ولي المعز لدين الله بلكين بن زيري (362 - 373هـ) إمارة إفريقية والمغرب ما عدا صقلية في أواخر سنة 361هـ، اعترافا بجميل قبيلته صنهاجة، فاختط بلكين عدة مدن منها الجزائر، وأخمد الحركات المناوئة، وتعاقب على الإمارة أبناؤه وأحفاده من بعده متمسكين بالولاء للخلافة الفاطمية بالقاهرة، ومن أشهرهم باديس بن المنصور (386 - 406هـ)، الذي انفصل عنه عمه حماد في سنة 405هـ، 1014م وأسس دولة مستقلة، قاعدتها قلعة بني حماد بالمغرب الأوسط. وكذلك المعز بن باديس (406 - 453هـ)، الذي ساد الأمن في أيامه، فازدهرت البلاد وظهرت بها حركة أدبية وفكرية راقية من أعلامها الطبيب ابن الجزار والأديب الشاعر ابن رشيق.
نهاية الدولة الصنهاجية بتونس
في سنة 435هـ، 1043م، قام أهالي القيروان بانتفاضة ضد الدولة الفاطمية، فاضطر ابن باديس لمجاراة الرأي العام فخلع طاعة الفاطميين وجعل الخطبة للخلافة العباسية في سنة 439هـ، 1047م؛ فوجه إليه المستنصر الفاطمي أعراب بني هلال وبني سليم، فغلبوه وسلم لهم القيروان، وانتقل إلى المهدية حيث توفي. وخلفه ابنه تميم (453 - 501هـ) على ما بقي بيده وهو جزء يسير من ساحل إفريقية.
أما بقية الإمارة فقد انقسمت، واستولى النورمان على صقلية في سنة 484هـ، 1091م، وعلى المهدية في سنة 543هـ، 1148م، فغادرها آخر الأمراء الصنهاجيين الحسن بن علي (515 - 543هـ) إلى المغرب الأقصى مستنجدا بعبد المؤمن بن علي.
الدولة الحفصية بتونس
استمرت الدولة الحفصية من عام (626 - 981هـ، 1229- 1573م). والحفصيون فرع من الدولة الموحدية التي دخلت إفريقية تحت سلطانها في سنة 555هـ، 1160م، على يد عبد المؤمن بن علي. وأول من تولى إمارة إفريقية من الحفصيين الشيخ أبو محمد عبد الواحد بن أبي حفص (603 - 618هـ) الذي نصبه الخليفة الموحدي الناصر واليا على تونس في سنة 603هـ، 1207م.
وأصبحت لعقبة من بعده، ومن أشهرهم أبو زكرياء يحيى (626، 647هـ).
تولى الإمارة وأمر الموحدين في تراجع، فأعلن استقلاله وجعل الخطبة لنفسه في سنة 626هـ، 1229م.
وقضى على الحركات المناوئة، واستولى على الجزائر، وبايعته تلمسان وسجلماسة وسبتة ومكناسة.
وخطب له بنو مرين في أول أمرهم بعد أن استولوا على مراكش، وأتته الوفود من شرقي الأندلس مستنجدة، وخلفه المستنصر (647-675هـ)، فذاع صيته وعظم شأنه، حتى أرسل له أمير مكة وأهل الحجاز بيعتهم بالخلافة في سنة 657هـ، 1259م، إثر سقوط الدولة العباسية ببغداد.
مظاهر حضارة الدولة الحفصية
عظم شأن الدولة الحفصية في عهدي السلطانين أبي زكريا والمستنصر، وأصبحت تونس من أهم مراكز الثقافة العربية، فاشتهر بها علماء أجلاء منهم الرياضي القلصادي، والفلكي ابن القنفذ، والطبيب الصقلي، والفقيه ابن عرفة، والجغرافي التيجاني، والمؤرخان الزركشي وابن خلدون.
كما ارتبطت معظم الدول الأوروبية معها بمعاهدات تجارية وقنصليات، بيد أن عوامل الضعف والتفكك بدأت تعمل في تلك الدولة بعدهما، فانقسمت الدولة إلى إمارتين: واحدة بتونس وأخرى ببجاية، وتعرضت البلاد إلى الغزو الخارجي.
ثم ما لبثت الدولة الحفصية أن انتعشت في عهود السلاطين أبي العباس أحمد (772 - 796هـ) وأبي فارس عزوز (796 - 837هـ) وأبي عمر عثمان (839 - 893هـ)، فمد أبو العباس نفوذه على بلاد المغرب كلها، وأخضع أبو فارس تلك المناطق للسلطة الحفصية المباشرة بما فيها الأندلس، وتمكن أبو عمر عثمان من المحافظة على تلك الوحدة.
كما أنشأ أبو العباس أول قوة للجهاد البحري بإفريقية، ما لبثت أن تدعمت بعده؛ فجلب هذا النشاط للدولة عائدات كبيرة، لكنه تسبب في ردود فعل العالم النصراني، التي كانت آثارها شديدة عندما عادت الدولة الحفصية إلى الضعف بعد وفاة السلطان أبي عمر عثمان؛ فقد تمرد عرفة الشابي وأسس إمارة منفصلة بالقيروان، واحتل الأسبان بجاية في سنة 915هـ، 1510م ثم طرابلس.
نهاية الدولة الحفصية
في هذه الظروف اتصل الأخوان عروج وخير الدين بالسلطان أبي عبد الله محمد (899-932هـ)، واتخذا جزيرة جربة قاعدة لتحركاتهما ضد الأسبان في البحر المتوسط. وعندما استولى خير الدين على الجزائر عاد إلى تونس، فاستولى عليها في سنة 935هـ، 1529م، وخطب فيها لسليمان القانوني.
ففر السلطان الحسن الحفصي (932-942هـ)، مستنجدا بملك الأسبان فثار السكان بمعية الأمير أحمد بن الحسن، لكن الأسبان استولوا على المهدية والمنستير وجربة وطرابلس في عهد السلطان أحمد (942 - 980هـ)، فاستردها منهم القائد درغوث باشا في سنة 958هـ، 1551م، ودخل القيروان ونصب عليها حيدر باشا واليا عثمانيا.
كما هجم والي الجزائر علي باشا على تونس، وأخذ البيعة بها للسلطان سليم الثاني، فاستنجد أحمد - كأبيه - بالأسبان، واقتحموا البلاد ثانية في سنة 980هـ، 1572م.
فحكم أخوه محمد (980 - 981هـ) تحت الحماية الأسبانية، يقاسمه أمر الدولة حاكم من قبل ملك أسبانيا، إلى أن أنقذ البلاد الفتح العثماني في سنة 981هـ، 1573بقيادة الوزير سنان باشا.
تونسُ والدولةُ العثمانيَّةُ
الفتح العثماني لتونس
عين سنان باشا على تونس واليا برتبة باشا، فأبقى بها حامية من أربعة آلاف جندي إنكشاري، يرأس كل مائة منهم «داي» ويرأس الدايات «أغا»، ويتولى الجباية «باي»، وأنشأ بالقصبة ديوانا لفصل قضايا الجند وتدبير شئون الولاية بمشاركة أعيان من الأهالي.
لكن الإنكشارية ثاروا في سنة 999هـ، 1591م، وقدموا دايا، فاستأثر عثمان داي بالحكم في سنة 1007هـ، 1598م، وتولى بعده يوسف داي ثم مراد داي، وفي عهديهما ورد على البلاد الأندلسيون لاجئين، فاستعانوا بهم على تنمية البلاد وتقوية أسطولها.
لكن أمر الداي أخذ في التراجع تدريجيا، وأصبح النفوذ والرئاسة بيد البايات إلى أن استقلوا بالأمر تماما.
وكان أول من تقدم منهم للولاية مراد باي في سنة 1022هـ، 1613م، وهو مؤسس أسرة البايات المراديين التي حكمت تونس إلى سنة 1114هـ، 1702م، وكان منها بايات مصلحون أمثال حمودة باشا (1041 - 1076هـ) وابنه مراد باي الثاني (1076-1086هـ).
لكن الصراع على السلطة بين أفراد الأسرة بعدهما واستعانة بعضهم على بعض بدايات الجزائر جلب على البلاد الكوارث إلى أن قضى إبراهيم الشريف على آخر بايات تلك الأسرة، وهو مراد أبو بالة (1110-1114هـ)، فقلد أهل الحل والعقد بتونس حسين بن علي تركي أمر البلاد في سنة 1117هـ، 1705م، وجاءه فرمان الولاية من السلطان، فكان ذلك بدء تأسيس أسرة البايات الحسينيين التي حكمت البلاد التونسية إلى سنة 1376هـ، 1957م.
حكم البايات الحسينيين
بدأ الباي حسين بن علي (1117 - 1153هـ) عهده برد جند الجزائر عن تونس وانتهى بمقتله على يد ابن أخيه علي باشا في سنة 1153هـ، 1740م، إثر تمرد الأخير واستعانته بداي الجزائر، فاستمرت الفتنة بينهما ثلاث عشرة سنة. وتميز عهد علي باشا (1147-1169هـ) بتشريد الجنوبيين، الذين كانوا يمارسون صيد المرجان بمرسى طبرقة، وتخريبه قرية تامركرت (كاب نيقرو)، التي كانت بها مراكز تجارية لبعض الشركات الفرنسية، ثم بتمرد ابنه الأكبر يونس عليه في سنة 1165هـ، 1752م، وكانت نهاية علي باشا على أيدي محمد الرشيد وعلي ابني عمه الحسين، اللذين استعانا عليه بداي الجزائر أيضا.
عهد أحمد باشا باي تونس
يعتبر أحمد باشا باي (1253-1271هـ) من البايات المصلحين في تونس؛ فقد أبطل الرق والاتجار به في البلاد التونسية سنة 1262هـ، 1846م، ونظم التعليم بجامع الزيتونة، وعمر خزائنه بالكتب، وأحل اللغة العربية محل التركية في مخاطبة الدولة العثمانية.
كما تأثر بما كان جاريا في زمانه من إصلاحات بالآستانة وبمصر، واندفع بشعور الخطر الاستعماري، فتوسع في ترتيب العساكر النظامية، وأنشأ مدرسة حربية عصرية لتخريج الضباط، كما توسع في التسليح وإحداث التجهيزات والإنشاءات الحربية برية وبحرية، وساعد بدوره الدولة العثمانية في حرب القرم في سنة 1270هـ، 1854م، فكانت هذه الإصلاحات وغيرها فوق طاقة البلاد، وزاد الضرر بإنشاء الباي مدينة المحمدية في سنة 1259هـ، 1843م، لتكون مقرا لحكومته، ولكنها أهملت بعده فخربت.
كما أهملت وخربت معظم إنشاءات أحمد باي وصرف العساكر، فلم تجن البلاد من ذلك إلا الوبال والإفلاس وزيادة النفوذ الأجنبي عامة والفرنسي خاصة.
فأحدثت في عهد محمد باي الثاني (1271 - 1276هـ) ضريبة المجبى سنة 1272هـ، 1856م، لتلافي العجز في الخزينة، وأدخل هذا الباي عدة إصلاحات منها إصداره عهد الأمان في سنة 1274هـ، 1857م، ليجعل تونس دولة ملكية دستورية، وقد سوى ذلك الدستور الأجانب بأهل البلاد في كثير من الحقوق.
كما أحدث مجلسا بلديا بتونس، وأدخل الطباعة العربية، فصدرت جريدة الرائد التونسي.
وقد أحيا خليفته محمد الصادق باي (1276 - 1299هـ) العمل بعهد الأمان، فأنشأ مجلس شورى في سنة 1277هـ، 1860م، لكنه ألقى مقاليد الدولة لمقربيه فكان كل همهم الإثراء على حسابها.
الأمر الذي زاد من المصاعب المالية، فاضطرت الدولة للاقتراض من الأوروبيين.
انتفاضة القبائل على الباي
عندما اشتدت الأزمة ضاعف الباي المجبى في سنة 1280هـ، 1863م، فكان ذلك سببا مباشرا لانتفاضة القبائل بقيادة علي بن غذاهم، فعلق الباي العمل بالدستور، وتصدى للانتفاضة بالقمع والغدر وإنزال العقوبات الجماعية، فكان من آثار ذلك أن انتشرت المجاعة والأوبئة؛ مما أفنى عددا كبيرا من السكان، وجعل البلاد تزداد تورطا في الاقتراض الأجنبي حتى أعلنت عجزها المالي.
وعندما شكل الوزير المباشر خير الدين اللجنة المالية المختلطة لتتولى قبض مداخيل المملكة في سنة 1286هـ، 1869م، كان مجمل ما على تونس 125 مليون فرنك من الذهب لأجانب مختلفين. وتعهدت اللجنة بدفع الفوائد لمستحقيها في كل عام، لكن ذلك كان معناه فقدان البلاد لسيادتها المالية.
نهاية البايات بتونس والتهيأ للاحتلال
حاول خير الدين، عندما عينه الباي وزيرا أكبر محل مصطفى خزندار في سنة 1290هـ، 1873م (حاول) تدارك الأمر بإدخال عدد من الإصلاحات، منها بعث أول مجلس صحي لمراقبة الأمراض الوبائية، وإحداث إدارة الأوقاف، كما أصدر أول قانون ينظم الفلاحة، وعمل على إصلاح التعليم وتحديثه، فلما لم يكن الجو مهيأ بجامع الزيتونة لتقبل الإصلاح اللازم، أسس المدرسة الصادقية في سنة 1293هـ، 1876م لتخريج الإطارات الضرورية للدولة.
بيد أن هذه الجهود الإصلاحية لم ترق لمن لم تكن لهم مصلحة فيها أمثال الوزير مصطفى بن إسماعيل وجماعته، فحاكوا الدسائس حتى اضطر خير الدين للتخلي في سنة 1294هـ، 1877م، إلى الرحيل إلى الآستانة (إسطنبول)، وتولى بعده ابنه إسماعيل الوزارة الكبرى، برغم جهله وعدم كفاءته وتواطئه مع قناصل الدول وخاصة قنصل فرنسا روسطان، فكثرت المشكلات وتعقدت حتى أصبحت تونس مهيأة للاحتلال الأجنبي، الذي بدأ يتهددها بالفعل منذ احتلال فرنسا لجارتها الجزائر في سنة 1246هـ، 1830م، ووقعت تونس ضمن دائرة التنافس الاستعماري بين فرنسا وإيطاليا وإنجلترا.
وقد بحثت مسألة هذا التنافس في مؤتمر برلين سنة 1295هـ، 1878م، فتنازلت بريطانيا لفرنسا عن تونس، لكن إيطاليا لم تتخل عنها حتى بعد وقوعها تحت الاحتلال الفرنسي.
تونسُ وفرنسا
احتلال فرنسا لتونس
انتهزت فرنسا فرصة وقوع مناوشات على الحدود بين قبيلتين تونسية وجزائرية، وغزت البلاد التونسية من شمالها الغربي في 24 / 4 / 1881م، بدعوى تأديب قبيلة خمير المعتدية، وفرض أمن حدودها الجزائرية؛ فسيرت جيشا بريا احتل مدينة الكاف، وواصل سيره شرقا باتجاه تونس العاصمة، في الوقت الذي احتلت فيه قوة بحرية فرنسية مدينة بنزرت، واتجهت جنوبا نحو العاصمة أيضا، وفي 12 مارس كانت القوتان تحاصران قصر الباي محمد الصادق بضاحية باردو، حين دخل عليه الجنرال بريار، القائد العام للحملة الفرنسية، بمعية القنصل روسطان، وقدم له نص معاهدة جاهزا ليوقعه.
وقد قضت هذه المعاهدة بوضع تونس تحت الحماية الفرنسية، وأبقت على هيكل الدولة والعائلة المالكة بها، لكنها سلبت منها سيادتها الخارجية، ونصبت لدى الباي وزيرا مفوضا ومقيما عاما فرنسيا للإشراف على تطبيق بنود المعاهدة، والحقيقة أن الحكومة الفرنسية لم تعمل آنذاك على إلحاق تونس بترابها مثلما فعلت بالجزائر في سنة 1246هـ، 1830م؛ لأن ظروف فرنسا الداخلية والدولية لم تكن تسمح لها بذلك، كما أنها سعت لتجنب انتفاضات كالتي حدثت لها بالجزائر، خاصة وأن حركة المقاومة التونسية كانت قد بدأت فعلا.
المقاومة التونسية
بدأت حركة المقاومة التونسية للغزو الفرنسي منذ بداية دخول عساكره من الجزائر، فحدثت بين القبائل وجيش الغزو عدة معارك، وقد خاضت تلك القبائل المقاومة منفردة أولا، ثم دعت لتنسيق جهودها وتجميع قواها ضد العدو، وساهم فيها عديد من الأعيان الذين كانوا يشغلون مناصب مرموقة في جهاز الدولة، وخرجوا عن طاعة الباي رافضين أوامره الداعية إلى التزام الهدوء والتمسك بصداقة فرنسا.
في حين تواطأ جيش الباي مع الاستعمار بأشكال متنوعة؛ مما اضطر المقاومين لخوض معارك ضده أيضا، وجعل الكثير من الجنود والضباط الصغار يفرون من صفوفه، ويلتحقون بالمقاومة الشعبية، كما شارك في المقاومة بعض المدن مثل صفاقس وقابس، اللتين لم تستسلما إلا بعد دكهما من قبل البوارج الحربية الفرنسية بقنابلها أياما وليالي من البحر.
هجرة القبائل التونسية إلى طرابلس الغرب
وقد اشتهر من قادة المقاومة علي بن خليفة النفاتي (والي سابق للباي) الذي عد رأس الحركة، وعلي بن عمارة الجلاصي، والحاج كمون الصفاقسي، والضابطان سعد البناني، وساسي سويلم، بيد أن هذه المقاومة لم تستمر طويلا، حيث اشتدت وطأة الهزائم العسكرية على المقاومين، نتيجة عدم التكافؤ في التسليح بينهم وبين الجيش الفرنسي الغازي. خاصة وأن القبائل التونسية كانت قد أنهكتها سياسة البايات فيما قبل سنة 1298هـ، تلك السياسة القهرية التي استنـزفت قواها المادية، وكسرت شوكتها الحربية بعد انتفاضة 1280هـ، 1864م.
الأمر الذي جعل أكثر هذه القبائل تتفق على الهجرة إلى طرابلس الغرب في ذي القعدة 1298هـ، أكتوبر 1881م، وقد شملت هجرتها قرابة عشر سكان البلاد آنذاك (من 120 إلى 140 ألف مهاجر) استقر معظمهم في مناطق الغرب الطرابلسي في انتظار إعانة عسكرية من الدولة العثمانية للعودة إلى المقاومة، لكن هذه الإعانة لم تأت.
مقاومة القبائل للاحتلال
نظم المهاجرون من مواقع تجمعهم غارات عبر الحدود على الفرنسيين ومن تواطأ معهم من التونسيين، وقاد معظمها علي بن ضو، إلا أن شدة السلطات العثمانية بطرابلس على المهاجرين، وتردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، والحرب النفسية التي سلطتها عليهم سلطات الحماية الفرنسية، كل تلك العوامل دفعتهم إلى اليأس والعودة تدريجيا على دفعات إلى البلاد التونسية، وقد زاد عدد العائدين بشكل ملحوظ بعد وفاة رمز المقاومة علي بن خليفة النفاتي في 16 / 11 / 1884م.
السلطة الفرنسية المطلقة
عملت فرنسا على توطيد أركان حمايتها على تونس، ذلك أن الباي الذي احتفظ بعرشه في سنة 1298هـ، سرعان ما وجد نفسه يفقد سلطاته الفعلية تدريجيا لصالح المقيم العام الفرنسي وغيره من الموظفين الفرنسيين، الذين أخذ عددهم يزداد في الإدارة التونسية. وقد وقع تجاوز معاهدة باردو بسرعة، ففي 3 / 6 / 1883م أجبر المقيم العام كامبون علي باي (1299 - 1324هـ) على توقيع معاهدة جديدة عرفت بمعاهدة المرسى.
وقد التزم فيها الباي (دون تحفظ) بقبول الإصلاحات الإدارية والقضائية والمالية التي ترى الحكومة الفرنسية ضرورة إدخالها بتونس.
الأمر الذي أفقده ما أبقته له معاهدة باردو من سلطات، ليصبح مجرد صورة تضفي الشرعية على الحماية الفرنسية إزاء الرأي العام التونسي والفرنسي، وأمام العالم.
وقد سمح استسلام الباي لسلطات الحماية على هذا النحو بوضع يدها على الإدارة المركزية بالعاصمة والإدارات المحلية خارجها، بحيث انفصلت الحكومة عن الباي، وأصبحت تحت سلطة المقيم العام، وباتت تتألف من سبعة وزراء ومديرين بينهم اثنان تونسيان فقط منهما الوزير الأكبر، وقد وضعا تحت نظر الكاتب العام للحكومة، وهو موظف سام فرنسي وعضو في الحكومة، كما عينت سلطات الحماية مراقبين مدنيين فرنسيين لمراقبة الموظفين التونسيين بالجهات، في حين اعتبرت أراضي أقصى الجنوب التونسي الصحراوية أراضي عسكرية، ووضعتها تحت مراقبة أكثر صرامة.
سياسة الاحتلال الفرنسي لتونس
حافظت سلطات الحماية على سلطة الباي التشريعية كما كانت قبل سنة 1298هـ، 1881م، من حيث الشكل، فكانت تدير البلاد بواسطة الأوامر التي تصدر باسمه؛ مما أطلق يديها وجعلها تستثني الشؤون التونسية من مراقبة البرلمان الفرنسي، وفي سنة 1314هـ، 1896م أحدثت مجلسا استشاريا بتونس، لكن العنصر التونسي لم يدخله إلا في سنة 1340هـ، 1921م كأقلية من 16عضوا، يعينهم المقيم العام إلى جانب 52 عضوا فرنسيا منتخبين على دورتين، وقد وسع هذا المجلس وسمي بالمجلس الكبير في سنة 1340هـ، 1922م، لكن صلاحياته ظلت استشارية، وتنحصر في المشاريع المالية والمسائل ذات الطابع الجبائي؛ وبالتالي فقد كانت السلطة التشريعية الحقيقية بيد المقيم العام وبأيدي مساعديه الذين كانت لقراراتهم صفة القانون.
القضاء التونسي أثناء الاحتلال
لم يكن للباي نفوذ سوى ختم الأوامر التي تتضمن تلك القرارات، وتعيين الموظفين التونسيين الذين كانوا يختارونهم بدورهم، أما بخصوص القضاء، فقد وضعت العدلية التونسية، سواء كانت دينية أو مدنية، تحت إشراف موظف سام فرنسي هو مدير المصالح القضائية.
ورغم أن سلطات الحماية لم تمس المحاكم الشرعية مباشرة، إلا أنها هيمنت على المحاكم المدنية، اعتمادا على ما كان للباي من سلطة في تنفيذ القوانين التي يصدرها، والنظر بالتالي في النزاعات التي كانت تنشأ بين رعاياه، وكان تداخل السلطات واجتماعها بيد إدارة الحماية على نحو ما تقدم مدخلا لتجاوزات لا حصر لها في حق التونسيين.
الأمر الذي جعل المقيم العام فلاندان نفسه يلاحظ عند زيارة فجائية قام بها إلى السجن المدني بمدينة تونس سنة 1337هـ، 1919م، أن العديد من التونسيين مقيمون لمدد تصل إلى شهور وسنوات، دون أن توجه إلى بعضهم تهم محددة أو يجرى مع بعضهم الآخر أي تحقيق، وأن عددا كبيرا منهم أودع السجن بأمر من قسم الدولة ووقع نسيانه.
ومما يزيد في خطورة هذه الأوضاع، أن فرص التونسيين في الدفاع عن أنفسهم بطرق قانونية، ضد تجاوزات إدارة الحماية الفرنسية، كانت ضئيلة جدا؛ لأن الحريات الأساسية المعترف بها للتونسيين كانت محدودة جدا.
استيلاء فرنسا على الأرض الزراعية
زادت الفوارق بفعل السياسة الاستعمارية الاستيطانية التي سلكتها فرنسا في تونس، ذلك أن سلطات الحماية كانت قد اقتصرت فيما بين سنتي 1298 و1309هـ، 1881 و1892م على فتح البلاد التونسية للرأسماليين الفرنسيين، ضامنة لهم أمنا تاما وإدارة حسنة وتطورا كافيا لوسائل المواصلات في إطار ما سمي بالاستعمار الخاص، مما جعل مساحة الأراضي الزراعية التي كانت بأيدي بعض الفرنسيين تزداد من قرابة 114 ألف هكتار قبيل سنة 1298هـ إلى 443 ألف هكتار في سنة 1309هـ، ومعظمها على شكل ملكيات واسعة في أكثر المناطق خصوبة ومياها من شمالي البلاد.
في حين سلكت تلك السلطات بداية من سنة 1310هـ، سياسة استعمار رسمي دون التفريط في الاستعمار الخاص، وهي سياسة قامت على مبدأ تركيز أكثر ما يمكن من الأراضي العامة وشبه العامة (كأراضي العروش، والغابات والأوقاف) بيد الدولة تنتقل بعد ذلك لرعايا فرنسيين بأثمان بخسة مع تسهيلات في الدفع، بهدف تركيز جالية فرنسية هامة في تونس من شأنها أن تدحض الادعاءات الإيطالية القائمة على وجود جالية إيطالية لا تكف عن النماء منذ سنة 1298هـ.
وكان من نتائج هذه السياسة أن انتقل ما يقرب من مليون هكتار من أفضل الأراضي التونسية من أيدي التونسيين إلى الأجانب، عند قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1332هـ، 1914م فقط.
وبذلك هيمنت بضع مئات من المستعمرين الأوروبيين على الزراعة التونسية التي تمثل القطاع الاقتصادي الأهم بالنسبة للسكان؛ مما أدى إلى تدهور عموم القطاعات الاقتصادية الأهلية التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالزراعة، مثل: تربية الماشية والصناعات التقليدية والتجارة الوطنية.
وهو ما تسبب في انفجار انتفاضة بمنطقة القصرين بالوسط الغربي التونسي سنة 1324هـ، 1906م، قامت بها عروش من قبيلة الفراشيش تحت تأثير ما أصابها من ضيق شديد في العيش وهوان على أيدي المستعمرين الذين استحوذوا على أراضيها.
فكان مصير المنتفضين التقتيل وصدور الأحكام بالإعدام والأشغال الشاقة والسجن وإبعاد بعض المحاكمين إلى جزر كيان الفرنسية بأمريكا الجنوبية.
آثار الاحتلال الفرنسي على تونس
توغل الاستعمار في كل إنتاج محلي واستأثر به، كما تزايدت نسبة الموظفين من الفرنسيين في مصالح الدولة التونسية حتى بلغ عددهم عند قيام الحرب العالمية الأولى أكثر من عشرين ألفا، بينما كان عدد الموظفين التونسيين لا يتجاوز خمسة آلاف، معظمهم يشغل أقل الوظائف رتبة ودخلا.
وقد عمدت سلطات الحماية إلى رفع مرتبات الموظفين الفرنسيين فيما بعد بنسبة الثلث تحريضا للفرنسيين على الهجرة إلى تونس والاستقرار بها، وكذلك إغراء لبقية عناصر السكان على كسب الجنسية الفرنسية، أما في مجال التعليم، فقد أحدثت السلطات إدارة العلوم والمعارف، وجعلت عليها مديرا فرنسيا، فوجهت هذه الإدارة جل اهتمامها لإنشاء مدارس لتعليم أبناء الفرنسيين، في حين بقي معظم الأطفال التونسيين محرومين من التعليم، والتحقت أقلية منهم بالمدارس الفرنسية العربية التي قصدت إدارة العلوم والمعارف بتأسيسها نشر اللغة الفرنسية بين السكان.
وفي هذا الاتجاه حولت المدرسة الصادقية إلى مجرد مدرسة لتخريج المترجمين اللازمين للإدارة الاستعمارية.
وعملت الإدارة ما في وسعها للإبقاء على حالة الجمود التي كان عليها التعليم العربي القائم بالكتاتيب وجامع الزيتونة، فقمعت كل الحركات التي قام بها الطلبة الزيتونيون من أجل إصلاح تعليمهم وتحديثه، لكن ذلك لم يحل دون دخول عدد قليل من التونسيين المدارس الفرنسية وحصولهم على تعليم عال، وتأسيس مدارس ابتدائية أهلية جديدة عرفت بالمدارس القرآنية كان لها دور في تعليم آلاف من أبناء التونسيين، ووصل الزيتونيون في سنة 1370هـ، 1951م إلى إصلاح تعليمهم بإنشاء شعبة عصرية تتضمن برامجها العلوم واللغات.
الحركةُ الوطنيَّةُ التونسيَّةُ
الحركة الوطنية التونسية
كانت أولى بوادر الحركة الوطنية التونسية حركة أعيان العاصمة، التي تزعمها الشيخ محمد السنوسي في سنة 1302هـ، 1885م، وتمثلت في تقديم عريضة إلى علي الباي تضمنت اعتراضات على جملة من قوانين وإجراءات إدارة الحماية، نتج عنها نفي الشيخين محمد السنوسي وأحمد الورتاني خارج العاصمة، وعقاب كل الموقعين على العريضة.
وقد لقيت هذه الحركة صدى واسعا في مجلة العروة الوثقى للشيخين جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، لما كان لهذين الرجلين من علاقات بالنخبة المثقفة التونسية آنذاك.
فقد زار الشيخ محمد عبده تونس مرتين، وكان لما تنشره مجلة العروة الوثقى ومجلة المنار لصاحبها رشيد رضا من بعدها تأثير كبير بين تلك النخبة والجيل الذي تلاها من التونسيين.
تأسيس جمعية الخلدونية
أصدر فريق من المثقفين التونسيين جريدة أسبوعية في سنة 1305هـ، 1888م، سموها الحاضرة، وكان ذلك الفريق مؤلفا من صادقين أمثال علي بوشوشة (صاحب الجريدة) والبشير صفر وزيتونيين مجددين أمثال الشيخين محمد السنوسي وسالم بوحاجب، وجميعهم من رجال الوزير خير الدين، وقد التزموا بالدفاع عن مصالح التونسيين المضمونة بموجب معاهدة الحماية، وقد أفادت هذه الجريدة من تكوين رأي عام تونسي، بما كانت تورده من أخبار داخلية وخارجية وانتقادات لبعض تجاوزات الإدارة الاستعمارية، وذلك في نطاق ما كان يؤمن به فريق الجريدة من ضرورة إيقاظ التونسيين من سباتهم، وتعريفهم بالأفكار الحديثة، ليقتبسوا من التجربة الأوروبية كل ما هو إيجابي، ويسلكوا طريق التقدم القائم على العلوم، وهو عين ما نادى به خير الدين التونسي في كتابه أقوم المسالك، وقد اصطدمت أفكارهم بمقاومة المحافظين من الزيتونيين، الأمر الذي دفعهم إلى تأسيس جمعية الخلدونية في سنة 1314هـ، 1896م. وتلا ذلك تأسيس جمعية قدماء تلامذة المدرسة الصادقية في سنة 1323هـ، 1905م.
حركة تونس الفتاة
قامت هاتان المؤسستان بدور بارز في تنمية الشعور الوطني، ونشر مبادئ الجامعة الإسلامية بين روادهما، فمهدا بذلك السبيل لظهور حركة الشباب التونسي، أو ما عرف بحركة تونس الفتاة. تلك الحركة التي أصدرت في سنة 1325هـ، 1907م جريدة أسبوعية فرنسية اللسان تعبر عن آرائها ومطالبها أسمتها التونسي، وجل المكونين للحركة كانوا من خريجي المدرسة الصادقية ذوي الثقافة المزدوجة المتشبعين بأفكار الثورة الفرنسية، ومن أبرزهم علي باش حامبة وأخوه محمد وحسن قلاتي وعبد الجليل الزواش.
فلما انضم إلى الحركة العنصر الزيتوني، المتأثر بفكر النهضة العربية الإسلامية، أمثال الشيخين محمد السنوسي وعبد العزيز الثعالبي صدر للجريدة في سنة 1327هـ، 1909م ملحق باللغة العربية كان يشرف على تحريره الشيخ الثعالبي، وقد كانت المطالبة بسياسة المشاركة والمساواة بين التونسيين والفرنسيين هي المحور الذي دارت عليه كتابات هذه الجريدة، ورغم ذلك فقد تعرضت لحملة شعواء من قبل ممثلي الجالية الفرنسية وصحفهم.
محاولة تسجيل مقبرة الجلاز الإسلامية
لقد تطورت الحركة بعد حادثتي الجلاز والترام، ففي سنة 1330هـ، 1911م هاجمت إيطاليا طرابلس الغرب؛ مما أثار شعور التونسيين، وأصبحت تونس ممرا سريا للضباط والمتطوعين العثمانيين القادمين من أوروبا إلى طرابلس.
في هذه الظروف أعلنت بلدية مدينة تونس قرارها بتسجيل مقبرة الجلاز الإسلامية، وكان ذلك معناه أنها ستصادرها؛ فتجمعت الجماهير بالمقبرة في اليوم المحدد لعملية المسح (7 / 11 / 1911م).
ولم يمنع الإعلان عن تراجع البلدية عن قرارها من وقوع اشتباكات دموية سقط فيها عشرات التونسيين بين شهيد وجريح، مع ثمانية قتلى بين فرنسيين وإيطاليين، وقد أعلنت السلطات الاستعمارية على إثر ذلك حالة الحصار بالمدينة، ومنعت الصحف العربية من الصدور، ما عدا صحيفة الزهرة.
كما أوقفت المئات من السكان، وقدمت منهم 73 إلى المحكمة الجنائية الفرنسية، فأصدرت أحكامها بإعدام سبعة، وبسجن أغلب الباقين مددا مختلفة، وقد نفذ الإعدام في اثنين هما القطاري والجرجار.
حادثة الترام
وفي الوقت الذي كانت فيه الأعصاب مشدودة ومحاكمة المتهمين في حوادث الجلاز ما زالت دائرة، دهس إيطالي من سائقي الترام بالعاصمة طفلا عربيا يوم 9 / 2 / 1912م، فانتشرت دعوة بين السكان للامتناع عن ركوب عربات الترام حتى تفصل الشركة، وهي فرنسية، كافة موظفيها الإيطاليين، وما لبث أن دخل موظفو وعمال تلك الشركة من العرب في إضراب عن العمل، على أساس أنها تمارس معهم سياسة تمييز عنصري فيما يخص الأجور والترقيات.
وبدأت حركة المقاطعة بشكل أزعج السلطة، وأعطاها بعدا سياسيا؛ فاتهمت قادة حركة الشباب التونسي بتسييرها، وزاد الوضع تأزما، بعد عشرين يوما من المقاطعة، بانتشار خبر مفاده أن فرنسا تسعى للضغط على الدولة العثمانية من أجل تسليم طرابلس لإيطاليا، وعندما فشلت كل جهود السلطة لإنهاء المقاطعة، اعتقلت سبعة من قادة حركة الشباب التونسي، بينهم علي باش حامبة والشيخ عبد العزيز الثعالبي، وأبعدتهم خارج البلاد.
كما أوقفت جريدتهم ونظمت حملة إرهاب واعتقالات واسعة بين السكان.
الحرب العالمية الأولى وتونس
عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، وسعت فرنسا حالة الحصار لتشمل البلاد التونسية كلها، وزجت بما يزيد عن 65 ألفا من الشباب التونسيين في معاركها بأوروبا، فقتل منهم نحو 12 ألفا وأصيب أكثر من ذلك العدد بجروح وعاهات.
وقد شهدت البلاد في سني الحرب حركة تعاطف شعبي مع الخلافة العثمانية التي دخلت الحرب إلى جانب دول الوسط، أسهم فيها الزيتونيون، وقابلتها السلطات العسكرية الفرنسية بالاعتقالات، كما نشط علي باش حامبة والشيخان صالح الشريف وإسماعيل الصفايحي في إسطنبول، فأسسوا مع المهاجرين الجزائريين والطرابلسية لجنة لتحرير المغرب العربي في سنة 1334هـ، 1916م، وأسس محمد باش حامبة في السنة نفسها فرعا لها بسويسرا، وأصدر مجلة المغرب للدفاع عن قضية تونس والجزائر.
ثم أسست مجموعة إسطنبول هيئة أصبحت تعمل لتنظيم وتدريب أسارى المغاربة في ألمانيا وتركيا، ضمن فرقة لترسل عن طريق الغواصات إلى طرابلس، من أجل تحرير بلاد المغرب العربي.
انتفاضة 1915م بتونس
وفي السياق نفسه كانت قد اندلعت بالفعل بالجنوب التونسي في سنة 1333هـ، 1915م انتفاضة مسلحة قادها سعد بن عبد اللطيف الدبابي، التحمت مع حركة المقاومة الطرابلسية بقيادة خليفة بن عسكر النالوتي في معارك مشتركة ضد الفرنسيين والإيطاليين؛ مما جعل فرنسا تعتبرها جبهة من جبهات الحرب الدائرة آنذاك، وتلجأ إلى أساليب حرب الإبادة (من قصف جوي، وغازات سامة)، وقد استمرت الانتفاضة رغم ذلك في شكل حرب عصابات إلى سنة 1337هـ، 1918م. وعندما انتهت الحرب أرسل الوطنيون التونسيون الشيخ عبد العزيز الثعالبي إلى باريس في سنة 1337هـ، 1919م لعرض القضية التونسية على مؤتمر الصلح، مثل غيره من زعماء الشرق. وفي باريس اتصل الثعالبي، بمعية المحامي أحمد السقا، بالأحزاب الفرنسية ونشر كتاب تونس الشهيدة، الذي حمل الاستعمار الفرنسي مسئولية حالة البؤس والفقر التي آل إليها الشعب التونسي، وأبرز مطالب التونسيين.
الحزب الحر الدستوري التونسي
كما أرسل الثعالبي إلى من أوفدوه في تونس يطلب منهم تأسيس حزب سياسي، كانوا قد بدأوا النقاش بخصوصه قبل ذلك.
فقدم وفد من أعيان البلاد إلى محمد الناصر باي (1324-1340هـ) لائحة مطالب تقوم على أساس إحياء دستور سنة 1274هـ، 1857م، ومشاركة التونسيين بنصيب عادل من خيرات بلادهم دون التعرض للاستقلال، كما قدم وفد آخر اللائحة إلى المقيم العام الفرنسي، وعندها ألقت السلطات الفرنسية القبض على الشيخ الثعالبي وأرسلته إلى تونس على ذمة المحكمة العسكرية، فأودع في السجن العسكري بتهمة التآمر على أمن الدولة.
وأعلن عن تأسيس الحزب الحر الدستوري التونسي في سنة 1338هـ،1920م فترأسه الشيخ الثعالبي، رغم تحفظه على المطالب المعتدلة التي أعلنها برنامجه؛ نظرا لكون الراديكاليين في الحزب لا يمثلون أغلبية.
تحول الحزب الحر الدستوري التونسي إلى الشرق
وعندما أصدر المقيم العام لوسيان سان برنامجه للإصلاح الإداري في سنة 1340هـ، 1922م، رفضه الحزب، لكن بعض أعضائه قبل ذلك البرنامج.
وتعرض الحزب لأول تصدع نتج عنه ظهور ما عرف بحزب الإصلاح برئاسة حسن قلاتي، ثم عندما شدد المقيم العام على الحزب الدستوري ضاق المعتدلون بنشاط الشيخ وجماعته من الراديكاليين، فأوعزوا إليه بمغادرة البلاد للتعريف بالقضية التونسية، فغادرها إلى المشرق العربي في سنة 1341هـ، 1923م، ولم يعد إلا في 1356هـ،1937م.
ولولا أنصار الشيخ، ومعظمهم من الزيتونيين، لما استمر نشاط الحزب في غيابه.
ومن هؤلاء محي الدين القليبـي وأحمد توفيق المدني والطاهر الحداد وأحمد الدرعي.
وقد ترأس الأول الحزب، وترأس الثاني لجنة الخلافة بتونس، وساهم الآخران في تأسيس الحركة النقابية التونسية الأولى مع محمد علي الحامي في سنة 1343هـ، 1924-1925م. لكن جامعة عموم العمال التونسيين التي تشكلت آنذاك، سرعان ما حلتها السلطة الاستعمارية ونفت قادتها.
ورغم ذلك اقتصر نشاط الحزب الدستوري على تنظيم الاجتماعات في القاعات المغلقة والحملات الصحفية في المناسبات، مثل فتح باب التجنس للتونسيين في سنة 1242هـ، 1826م، وإقامة تمثال لكبير المنصرين الأسقف لافيجري في مواجهة الطريق المؤدي إلى جامع الزيتونة في سنة 1343هـ، 1925م. وكذلك إرسال الوفود إلى باريس لتقديم العرائض للمسؤولين الفرنسيين.
سياسة التجنيس
وفي سنة 1348هـ، 1929م احتفلت السلطات الاستعمارية بمناسبة مرور خمسين سنة على احتلال البلاد، وقام رئيس الجمهورية دوميرغ بزيارة لتونس. كما عقد مؤتمرا كنسيا بضاحية قرطاج (حيث قبر لويس التاسع، قائد الحملة الصليبية الثامنة) حضره قساوسة من مختلف أرجاء العالم، وأعطي مظهر حملة صليبية جديدة.
وقد حملت كل مصاريف تلك المهرجانات على الميزانية التونسية، في حين كان التونسيون يعانون ضيقا شديدا؛ بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية والجفاف؛ مما استفز مشاعر الشعب، ونمى الحماس الوطني بين صفوفه؛ فعاد الحزب الدستوري للنشاط وعقد في سنة 1351هـ، 1933م مؤتمره بنهج الجبل، تم فيه دخول فريق جريدة العمل التونسي، الفرنسية اللسان، إلى الحزب وانتخاب الحبيب بورقيبة والبحري قيقة عضوين في لجنته التنفيذية. وفي السنة نفسها أثيرت مسألة التجنيس وفتح بابه على مصراعيه، فشنت الصحف الوطنية حملات شديدة على تلك السياسة، وعمل الشعب على منع دفن المتجنسين في مقابر المسلمين تنفيذا لفتوى الشيخ إدريس بعدم جواز دفنهم بها، فسقط شهداء وجرحى في المصادمات مع أعوان السلطة.
تأسيس حزب جديد
بيد أن الخلافات سرعان ما ظهرت في اللجنة التنفيذية للحزب الدستوري مع الشبان من جماعة العمل التونسي، وتطورت بسرعة إلى القطيعة، فعقد المنشقون مؤتمرا بقصر هلال في 2 / 3 / 1934م، وشكلوا ديوانا سياسيا لحزب دستوري جديد، انتخبوا لرئاسته محمود الماطري ولأمانته العامة الحبيب بورقيبة.
وقد سلك هذا الحزب منهجا مختلفا، في النضال ضد الاستعمار، عن المنهج الذي كان يسلكه الحزب الدستوري القديم، تمثل في الاتصال بالجماهير العريضة وكسب الطبقة العاملة بضم الحركة النقابية تحت قبضته.
فخاض الإضرابات، ونظم المظاهرات الشعبية، ومع ذلك دخل في المفاوضات مع فرنسا منذ نشأته الأولى.
فمن ذلك أنه فاوض حكومة الجبهة الشعبية الفرنسية في سنة 1355هـ، 1936م، ودعا إلى مظاهرة 9 / 4 / 1938م التي سقط فيها العشرات من الشهداء والجرحى، واعتقل على إثرها أعضاء الديوان السياسي جميعا، وأعلنت حالة الحصار.
وفي عام 1356هـ، 1937م عزم الشيخ الثعالبي على العودة إلى تونس، فاستقبله الديوان السياسي وحاول احتواءه.
لكن الشيخ سرعان ما أعاد علاقاته مع أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب الدستوري القديم، بعد فشل محاولات الإصلاح بين الجانبين التي قام بها من أجل إعادة توحيد الحزبين الدستوريين.
الحرب العالمية الثانية وتونس
عندما نشبت الحرب العالمية الثانية في سنة 1358هـ، 1939م كان أعضاء الديوان السياسي وعدد كبير من مناضلي الحزب في السجون والمنفى، وما لبثت قوات المحور أن احتلت تونس في ذي القعدة 1361هـ، نوفمبر 1942م بعد بضعة أشهر من تولي محمد المنصف باي العرش (1361 - 1362هـ).
وقد سلك هذا الباي سياسة وطنية تمثلت في محاولة الحفاظ على موقف الحياد بين المتحاربين، وتكليف محمد شنيق بتشكيل حكومة وطنية شارك فيها ممثلون عن الحزبين الدستوريين.
وقد شهدت الحركة الوطنية في عهده انتعاشة، فعقدت الاجتماعات السياسية العلنية، وأصدر الحزب الدستوري الجديد مجلة إفريقيا الفتاة وأطلق سراح معظم الوطنيين المعتقلين بتونس.
كما أطلقت القوات الألمانية الحبيب بورقيبة ومن كان معه من أعضاء الديوان السياسي في سجن حصن سان نيكولا بفرنسا في سنة 1362هـ، 1943م، وأحسنت روما استقباله، وطلبت منه أن يستخدم نفوذه لدعوة الشعب التونسي إلى التعاون مع المحور، لكنه اشترط مقدما إعلان استقلال تونس فلم تقبل، وسمحت له بالعودة إلى تونس.
دخول الحلفاء تونس
عندما احتل الحلفاء البلاد التونسية في جمادى الأولى 1362هـ، مايو 1943م، اتخذ المقيم العام الفرنسي إجراءات انتقامية تمثلت في خلع محمد المنصف باي بتهمة التعاون مع المحور، فنفي إلى الصحراء الجزائرية ثم إلى فرنسا حيث توفي في سنة 1367هـ، 1948م، وسيق الوطنيون بالجملة إلى ساحات الإعدام بالتهمة نفسها.
الأمر الذي جعل بورقيبة يغادر البلاد خفية إلى القاهرة، وكان عدد من الدستوريين قد سبقوه إليها وإلى دمشق، ورغبة في الاستعانة بالدول العربية المستقلة وجامعة الدول العربية الحديثة النشأة من أجل خدمة القضية التونسية.
مؤتمر ليلة القدر
نشط الوطنيون التونسيون في مكتب المغرب العربي الذي تشكل بالقاهرة برئاسة الأمير عبد الكريم الخطابي، وفي تونس كانت قد بدأت الحركة النقابية الوطنية تعيد تنظيم صفوفها خارج إطار النقابات الفرنسية، حتى تم بناء الاتحاد العام التونسي للشغل في سنة 1364هـ، 1945م، وتولى أمانته العامة فرحات حشاد، كما انعقد مؤتمر وطني جمع كل الاتجاهات السياسية ليلة 27 رمضان 1365هـ، 23 / 8 / 1946م عرف بمؤتمر ليلة القدر، وتقرر فيه سقوط نظام الحماية والالتزام بمبدأ المطالبة بالاستقلال التام، وذلك قبل أن يتمكن أعوان السلطة الاستعمارية من اقتحام مقر الاجتماع والقبض على الحاضرين.
وقد تلا ذلك توتر الحالة السياسية والاجتماعية بالبلاد، وأظهر فرحات حشاد تعاونا واسعا مع صالح بن يوسف، الأمين العام للحزب الدستوري الجديد والذي تولى قيادة الحزب في غياب رئيسه بورقيبة، فنظم اتحاد الشغل عدة إضرابات منها إضراب عمال شركة صفاقس قفصة في 5 / 8 / 1947م الذي سقط فيه عدد من الشهداء والجرحى؛ مما دفع فرنسا إلى تغيير المقيم العام ماست بجان مونص، الذي جاء بسياسة جديدة تعتمد اللين، فأصدر برنامج إصلاحات قامت حكومة مصطفى الكعاك على أساسها، لكن مقاطعتها من قبل القوى الوطنية، وعدم رضى المستوطنين عن سياسة المقيم العام أدت إلى سقوطهما معا.
وقد كان لطلبة جامع الزيتونة بقيادة لجنة صوت الطالب، التي تشكلت في سنة 1368هـ، 1949م، دور كبير في المسارعة بذلك.
حكومة محمد شنيق
في سنة 1369هـ،1950م عينت فرنسا لويس بيريي مقيما عاما جديدا، فاعترف بالحزب الدستوري الجديد وتشكلت حكومة محمد شنيق التفاوضية على أساس تصريح وزير الخارجية روبار شومان، ومفاده أن الاستقلال الذاتي هو الغاية السياسية التي تسعى فرنسا لتحقيقها بالنسبة لجميع الدول التي تؤلف الاتحاد الفرنسي ومن بينها تونس.
وهو التصريح الذي أعلن بورقيبة عن اغتباطه به، وشارك صالح بن يوسف ممثلا للحزب في حكومة شنيق على مقتضاه.
وقدم بورقيبة برنامجا من سبعة مطالب لتكون أساسا للمفاوضات، وهو برنامج لا يمس مبدأ الحماية الفرنسية، ويقتصر على المطالبة بإلغاء جميع مظاهر الإدارة المباشرة فقط واحترام السيادة التونسية.
سياسة القبضة الحديدية
تبنت حكومة شنيق، وكذلك الباي محمد الأمين (1362 - 1376هـ) برنامج بورقيبة، لكن الحكومة الفرنسية انقسمت إزاءه ثم ما لبثت أن رفضته تحت ضغط المستوطنين، وقطعت المفاوضات بإصدارها مذكرة 14 / 4 / 1371هـ، 15 / 12 / 1951م، التي أكدت تمسكها بمبادئ السيادة المزدوجة والتبعية غير المحدودة والصلات الأبدية التي تربط مصير تونس بفرنسا، وعندها تأزم الموقف وسعت حكومة شنيق لعرض القضية على هيئة الأمم المتحدة، وعينت فرنسا السفاح الجنرال دي هوتكلوك مقيما عاما بتونس، فافتتح سياسته باعتقال أعضاء الحكومة وأعضاء الديوان السياسي في يوم 18 / 1 / 1952م.
فرد الشعب على تلك السياسة ببدء الكفاح المسلح، وأعلنت سلطات الاحتلال حالة الحصار، وبدأت سياسة القبضة الحديدية.
كما شكل المستوطنون عصابة اليد الحمراء الإرهابية وتواطأت معها السلطة، فكان من ضحاياها الزعيمان فرحات حشاد في سنة 1372هـ، 1952م والهادي شاكر في سنة 1372هـ، 1953م.
رد التونسيون على ذلك بقتل قائد العصابة نفسه الكلونيل دي لابيون في السنة التالية 1374هـ، 1954م.
وفي سنة 1374هـ، 1954م ازدادت عمليات جيش التحرير التونسي ضراوة وانتشارا في الأرياف والمناطق الجبلية، كما تكثفت عمليات الفدائيين بالمدن فتفشت ظاهرة تفجير القنابل وتصفية الخونة وغلاة المستوطنين.
فعينت فرنسا فوازار مقيما جديدا، وتشكلت حكومة محمد صالح المزالي، وأعلنت إصلاحات فوازار المزالي التي أكدت تشبث فرنسا بمبدأ السيادة المزدوجة المرفوض.
إعلان مبدأ الاستقلال
بيد أن تفاقم الوضع بالبلاد التونسية وهزيمة فرنسا بالهند الصينية، وتحول موقف هيئة الأمم المتحدة لصالح القضية التونسية، كل ذلك دفع رئيس الوزراء الفرنسي منديس فرانس لزيارة تونس في 31 / 7 / 1954م وإعلانه أمام الباي عن قبول حكومته بمبدأ الاستقلال الذاتي لتونس، وتعيين الجنرال دي لاتور مقيما عاما جديدا، فتشكلت حكومة الطاهر بن عمار بمشاركة ثلاثة وزراء من الحزب الدستوري الجديد قصد إجراء المباحثات اللازمة.
وفي تلك الأثناء اندلعت الثورة الجزائرية؛ مما أكد على فرنسا بضرورة حل المسألة التونسية، فأصدرت بلاغا مشتركا مع الحكومة التونسية يدعو مقاتلي جيش التحرير التونسي إلى تسليم أسلحتهم في مقابل ضمانات كافية. وأعلن بورقيبة من منفاه عن قبولها داعيا بدوره لتسليم الأسلحة، فكانت تلك بداية خلافه مع الأمين العام لحزبه صالح بن يوسف، الذي اعترض على مبدأ التسليم قبل الاتفاق على مسألة الاستقلال.
اتفاقيات 1955م
وفي فرنسا خلفت حكومة إدجار فور حكومة منديس فرانس في 5 / 2 / 1955م، فدعا هذا الأخير بورقيبة، وأصدرا معا تصريحا مشتركا يقيد الطرفين بحل وسط يؤكد تصريح 31 يوليو بخصوص الحكم الذاتي مع النص على احتفاظ فرنسا بشؤون الخارجية والدفاع. فسارع ذلك بوضع تفصيلات اتفاقيات 3 / 6 / 1955م التي منحت تونس الاستقلال الذاتي مع كثير من التحفظات، الأمر الذي جعل صالح بن يوسف يرفض تلك الاتفاقيات، ويعتبرها خطوة إلى الوراء.
فانقسم الحزب الدستوري الجديد إلى شقين متصارعين. استطاع بورقيبة حسم الصراع لصالحه بفضل المساندة التي لقيها من الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة الحبيب عاشور، ومن فرنسا التي قبلت مراجعة الاتفاقيات معه والتسليم لتونس بالاستقلال التام بموجب إعلان 20 / 3 / 1956م.
تونس المستقلةُ
إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية في تونس
كلف محمد الأمين باي الحبيب بورقيبة، رئيس الحزب الدستوري الجديد، برئاسة الوزراء في 15 / 4 / 1956م. وفي الشهر نفسه اجتمع المجلس التأسيسي المنتخب لوضع دستور البلاد، وقد صدر الدستور فعلا في 1 / 6 / 1959م، فانتخب بعد خمسة أشهر مجلس الأمة. وكان المجلس التأسيسي قد قرر في 25 / 7 / 1957م إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية، وسلم بورقيبة مقاليد رئاسة الجمهورية، وأعيد انتخابه إلى أن استنفذ دوراته القانونية ثم نودي به رئيسا مدى الحياة.
واستمر عهده إلى أن خلفه وزيره الأول زين العابدين بن علي في 7 / 11 / 1987م.
عهد بورقيبة
لقد أولى بورقيبة اهتمامه باستكمال السيادة التونسية وبناء دولة عصرية، فبدأ في هذا المجال متأثرا إلى حد بعيد بثقافته الفرنسية ومن إنجازاته: توحيد القضاء وإصدار القوانين اللازمة، وأبرزها مجلة الأحوال الشخصية (1377هـ، 1957م)، ونشر الخدمات الصحية، ونشر التعليم وتوحيده (1377هـ، 1958م)، وقد أدى ذلك إلى إلغاء التعليم الزيتوني.
لكن النتائج التي حققتها تونس في هذه الميادين كانت هامة، وخاصة برنامج التنظيم العائلي الذي حقق خفض نسبة التزايد السكاني إلى ما دون كل النسب المسجلة في بقية الدول العربية، وفي سنة 1377هـ، 1957م نفسها تم جلاء الجيوش الفرنسية عن البلاد التونسية ما عدا بنزرت وأقصى الجنوب، وذلك على إثر عدوان فرنسي على قرية ساقية سيدي يوسف على الحدود الجزائرية.
وتحقق الجلاء الكامل في سنة 1383هـ، 1963م، بموجب اتفاق مع فرنسا على إثر معارك 1381هـ، 1961م.
السياسة الخارجية لتونس
تعاونت تونس مع الثورة الجزائرية، بحيث وفرت قاعدة انطلاق لمجاهدي جيش التحرير، وآوت الحكومة المؤقتة مئات الآلاف من اللاجئين الجزائريين إلى أن تم للجزائر استقلالها.
وكذلك حضور الحزب الدستوري الحاكم مؤتمر طنجة في سنة 1377هـ، 1958م إلى جانب حزب الاستقلال المغربي وجبهة التحرير الجزائري، ومشاركته في وضع مقررات المؤتمر الداعية إلى قيام وحدة فيدرالية بين دول المغرب الثلاث. انضمت تونس إلى هيئة الأمم المتحدة في سنة 1376هـ، 1956م، وتميزت علاقاتها مع هذه المنظمة ومع مختلف دول العالم بالاعتدال ومناصرة قضايا التحرر في إفريقيا وآسيا، وارتبطت تونس بعلاقات سياسية واقتصادية أكثر قوة مع فرنسا خاصة ودول السوق الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية عامة. كما انضمت إلى جامعة الدول العربية في سنة 1377هـ، 1958م.
الاشتراكيَّةُ وَالاقتصادُ الحرُّ
الاشتراكية والاقتصاد الحر لتونس
بعد أن تحقق الجلاء الزراعي في سنة 1384هـ، 1964م باسترجاع الأراضي التي كانت بحوزة الأجانب، سلكت تونس تجربة الاقتصاد الموجه على إثر تبني الحزب الحاكم للاشتراكية وتسميته بالحزب الاشتراكي الدستوري في سنة 1383هـ، 1963م.
وقد قاد التجربة الاشتراكية كاتب الدولة للتصميم والمالية آنذاك والنقابي السابق أحمد بن صالح، فوضع مخططا إنمائيا عشريا، وألزم الفلاحين والتجار بنظام التعاضد، وجلب القروض الأجنبية.
لكن قبل انتهاء فترة المخطط أعلن بورقيبة في سنة 1389هـ، 1969م، عن وصول البلاد إلى حالة الكارثة، فسجن ابن صالح وفريقه، وتقرر العودة إلى الاقتصاد الحر القائم على تشجيع المبادرة الفردية والخصخصة.
التنمية الاقتصادية بتونس
وتجدر الملاحظة بأن مشاريع صناعية كبيرة قد تمت في مدة ابن صالح، منها: مصنع تكرير النفط ببنـزرت، ومصنع الفولاذ بمنـزل بورقيبة، ومصنع تكرير الفوسفات والحامض الفوسفوري بصفاقس، ومصنع تركيب السيارات بسوسة، ومصنع عجين الحلفاء بالقصرين.
كما بدأت انطلاقة الاستثمارات السياحية، ببناء الفنادق وتهيئة المناطق السياحية الرئيسية. وقد توسعت هذه المشاريع في مدتي تولي الوزيرين الأولين الهادي نويرة ومحمد المزالي، ومن أهم ما سجل: توسع صناعة النسيج والملابس الجاهزة؛ بسبب ما جاء به قانون 1394هـ، 1974م من تشجيع للمستثمرين الأجانب على إقامة مشاريع، ومنها ما قام في إطار الشراكة بين رجال أعمال تونسيين وأجانب في مجال الصناعات التصديرية؛ مما أسهم في توفير فرص عمل كثيرة للشبان، وللعنصر النسائي منهم خاصة، علما أن الشبان يمثلون أكثر من نصف سكان البلاد.
النشاط الزراعي لتونس
ظلت الفلاحة تمثل النشاط الرئيسي للتونسيين والمصدر الرئيسي للثروة بالبلاد، ونخص بالذكر إنتاج الحمضيات بالوطن القبلي، والزيتون بالساحل وصفاقس، والقمح بحوض مجردة، والتمور بالجريد وقبلي، والبقول في البيوت المحمية بالساحل والوطن القبلي خاصة.
وقد شهدت النشاطات الفلاحية تحسنا ملموسا من حيث: تحديث الأساليب ونمو الإنتاج؛ نظرا للمبادرة الفردية والإرشاد والتوسع في منح القروض؛ مما وفر فائضا هاما من حيث الكم والكيف والتنوع للتصدير.
وكذلك الحال بالنسبة لقطاع الصيد البحري الذي شهد أسطوله تطورا خاصة على الساحل الشرقي. أما تربية الماشية، فرغم ما بذل فيها من جهد، فإن منتجاتها من الحليب ومشتقاته واللحوم ما زالت لا تسد حاجة السوق المحلية التي تشهد بدورها ارتفاعا متواصلا في الطلب.
ويسهم جزء هام من المنتجات السالفة الذكر في توفير المواد الأولية الضرورية لصناعات غذائية مختلفة، منها ما يوجه للتصدير كتجفيف التمور وتجميد الأسماك.
الأزمات التونسية ونهاية عهد بورقيبة
إلا أن سياسة الاقتصاد الحر لم تق تونس من التعرض لهزات ذات طابع اقتصادي واجتماعي، فضلا عن الأزمات السياسية التي شهدتها البلاد؛ بسبب نظام الحزب الواحد الذي اتبعه الرئيس بورقيبة في معظم فترة حكمه، وتفاقم البطالة بين الشباب بما فيه الشباب المتعلم، ومن أهمها أحداث 26 / 1 / 1979م التي بدأت بإعلان الاتحاد العام التونسي للشغل للإضراب العام.
وتوفي بورقيبة في عام 1999م.
العهد التونسي الجديد
شهدت الحياة السياسية انفراجا إثر تولي الرئيس زين العابدين بن علي الحكم في سنة 1408هـ، 1987م، بما احتوى عليه البيان الذي أذاعه في صباح التحول. أعقب ذلك إفراجه عن المعتقلين السياسيين من مختلف الاتجاهات، وإلغاء محكمة أمن الدولة، وإعادة الاعتبار لكافة وجوه الكفاح الوطني ومنهم الشيخ عبد العزيز الثعالبي وصالح بن يوسف نفسه، ومنح رخص النشاط العلني لأربعة تنظيمات سياسية أخرى.
تعديل الدستور التونسي
في بداية العهد الجديد جرى تعديل الدستور، فألغيت المادة التي نصت على أن تكون رئاسة الدولة مدى الحياة، وشكل مجلس دستوري من أجل ضمان دستورية القوانين والتفاف كافة التنظيمات والأحزاب الوطنية حول الميثاق الوطني.
وكان لزين العابدين بن علي الذي انتخب مرتين متتاليتين رئيسا للجمهورية دورا رئيسيا في دفع عملية الإصلاح الإداري ومحاولة دفع عجلة التنمية الشاملة.
وعلى المستوى الخارجي شهدت علاقات تونس على المستوى المغاربي خاصة نشاطا ملحوظا في عهد الرئيس زين العابدين بن علي، تمثل أولا في تحسين علاقاتها مع ليبيا، ودخولها تجربة اتحاد دول المغرب العربي إلى جانب الجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا.
المعالِمُ الجغرافيةُ
السطحُ
التضاريس التونسية
يوصف سطح تونس عموما بأنه متوسط الارتفاع حيث لا تزيد نسبة المناطق المرتفعة أكثر من 1000 متر على 1%، أما المناطق التي يتراوح ارتفاعها بين 400 و1000 متر فتمثل نحو 33% من سطح تونس، أما النسبة الباقية 66% فهي سهول منخفضة يقل ارتفاع معظمها عن 200 متر فوق مستوى سطح البحر.
الشمال أو التل
يشمل هذا الإقليم مجموعة من السلاسل الجبلية التي تبدو كأنها امتداد لسلسلة جبال التل الجزائري الكبرى، وتمتد السلاسل الجبلية من الجنوب الغربي صوب الشمال الشرقي.
ومن أشهر السلاسل الجبلية: جبال خمير ومقعد وهذيل.
ويمر وادي نهر «مجردة» الأعلى والأوسط جنوبي هذه المجموعة الجبلية، وهناك مجموعة جبلية أخرى تعد فرعا من جبال أطلس الصحراء، يطلق عليها اسم الظهرية؛ حيث توجد بها أعلى قمة جبلية في تونس، وتتمثل في جبل الشعانبي الذي يصل ارتفاعه إلى 1544 مترا، أما الجزء الشرقي الممتد بين الجبال والساحل فهو سهول فسيحة مثل تلك التي تحيط بخليج تونس وتتصل بسهول الوطن القبلي (أو الرأس الطيب).
تونس الوسط
تقع في جنوبي سلسلة الظهرية، وتشمل السباسب العليا في الغرب، والسباسب السفلى الممتدة بمحاذاة الساحل الشرقي، وتوجد بعض المرتفعات في غربي تونس الوسطى، أما الجزء الشرقي فهو سهول توجد بها بعض المنخفضات والسباخ، وتحيط بهذه السباخ أراض مالحة تعرف بالشطوط يزرع بعضها شعيرا كما في سهل القيروان.
تونس الجنوبية
تقع في جنوبي تونس الوسطى وهي في مجملها هضبة أو ظهر ينحدر تدريجيا صوب الغرب، لكنه أشبه بجدار جبلي من جهة الشرق.
وتضم تونس الجنوبية سهل الجفارة وهو مساحات سهلية منبسطة تمتد من جبال القصور غربا حتى الساحل شرقا، وتونس الجنوبية أغلبها صحراء تمتد فيها الكثبان الرملية لمسافات كبيرة.
المناخُ
المناخ التونسي
يتأثر مناخ تونس بموقعها الجغرافي من ناحية وتضاريسها من ناحية أخرى، فالأجزاء الشمالية من تونس يسودها مناخ البحر المتوسط، أما الأجزاء الجنوبية فتتأثر بالمناخ الصحراوي، والمنطقة الوسطى منطقة انتقال بين هذين النظامين المناخيين.
الرياح ودرجات الحرارة في تونس
تختلف الظروف المناخية من حيث درجة الحرارة والرياح والأمطار باختلاف فصول السنة وباختلاف المناطق.
وتتعرض تونس للرياح الشمالية الغربية المطيرة في فصل الشتاء، كما تتعرض كذلك للرياح الشمالية الشرقية، في فصل الصيف، وتهب في الربيع رياح القبلي، وهي رياح ساخنة تهب من الجنوب وتؤدي أحيانا إلى ارتفاع درجة الحرارة لتصل إلى 40°م، وتصل درجة الحرارة في فصل الشتاء في الأجزاء الشمالية إلى 5.2°م كما في بنـزرت التي تقع على ارتفاع مترين فوق مستوى سطح البحر، بينما تنخفض إلى أقل من درجتين مئويتين في الأجزاء الداخلية الجنوبية البعيدة عن تأثير البحر، وتصل في قفصة إلى 3.9°م.
وفي فصل الصيف ترتفع درجات الحرارة إلى 30°م في معظم أنحاء تونس فتبلغ في قفصة 38°م، وتتعدى 40°م في قبلي في الجنوب، بينما تقل في الشمال؛ بسبب تأثير البحر فتبلغ في بنـزرت وسوسة 31°م، ويتأثر المدى الحراري حسب القرب أو البعد عن البحر، فهو في الشمال لا يزيد كثيرا على 20°م كما في بنـزرت وسوسة ويزيد حتى يقترب من 40°م في الأجزاء الجنوبية كما في قبلي.
الأمطار التونسية
بالنسبة للأمطار فإنها غزيرة جدا في القسم الشمالي من إقليم التل الذي يحده نهر المجردة جنوبا، وتزيد كمية الأمطار على 500ملم3 كما في عين داهم التي تقع على ارتفاع 7034 مترا فوق سطح البحر، ويسقط على طبرقة في الشمال 1025ملم3، وعلى بنزرت 636ملم3.
وإلى الجنوب من نهر المجردة تتراوح كمية الأمطار ما بين 400ملم3 و 600ملم3 كما هي في بلدة الكاف التي تقع على ارتفاع 674 مترا ويسقط عليها نحو 504ملم3.
وإلى الجنوب من الظهرية تقل كمية الأمطار وتتراوح ما بين 200ملم3 و400ملم3 كما في سوسة 319ملم3 وصفاقس 200ملم3.
وتقل الأمطار كلما اتجهنا جنوبا لتصل إلى 150ملم3 في قفصة وإلى 98ملم3 في قبلي حيث يسود المناخ الصحراوي.
ومن الجدير بالذكر أن كميات الأمطار تتذبذب من عام إلى آخر لكنها عموما تتركز بصفة كبيرة في فصلي الشتاء والخريف كما تسقط أمطار لا بأس بها في فصل الربيع، والصيف أقل فصول السنة أمطارا وهو فصل الجفاف.
التربةُ وَالنّباتُ
التربة والنبات بتونس
هناك أنواع متباينة من التربات في تونس، بعضها تربات طينية في مناطق الأودية كما في وادي مجردة ووادي سجنان ووادي جومين وغيرها، وتربات رملية في المناطق الصحراوية.
وهناك تربات تعرف بالحمري؛ لأن لونها أحمر وهي تربات خفيفة، كما توجد التربات الملحية في أراضي السباخ والشطوط، وتنتمي هذه التربات إلى ما اصطلح على تسميته بتربات السلونشاك.
النباتات الطبيعية في تونس
تختلف النباتات الطبيعية في تونس باختلاف كميات الأمطار؛ ففي الأجزاء الشمالية المطيرة كما في إقليم التل توجد غابات من أشجار البلوط والفلين، وتوجد أشجار الزيتون البري في السهول وقد حولت هذه السهول إلى مزارع قمح وكروم وخضراوات.
وفي المناطق التي تقل فيها الأمطار فإن الغطاء النباتي يعكس ذلك بوضوح حيث توجد أشجار أقل حجما وتظهر الحلفا.
وتنتشر الحشائش في معظم أجزاء تونس الوسطى بعد سقوط الأمطار وتعرف باسم السباسب، وهي تقابل كلمة الإستبس الروسية والبراري في أمريكا، وترعى الأغنام والماعز والإبل في السباسب.
وفي مناطق الشطوط ذات التربات الملحية تنمو الحشائش والنباتات المحبة للأملاح مثل القطاف والرمث.
الاقتصادُ
الاقتصادُ
تنمية الاقتصاد التونسي
سعت تونس منذ استقلالها إلى بذل جهود متواصلة لتحقيق مستوى طيب من التنمية الاقتصادية، وذلك بإنشاء صناعات أساسية قادرة على استغلال الثروات الوطنية الاستغلال الأمثل وتنويع الموارد الاقتصادية وإحداث المزيد من فرص العمل.
وقد تطورت نسبة النمو الاقتصادي إلى 3% في سنة 1993م، وتطور الناتج المحلي في قطاع الزراعة والصيد البحري بنسبة 16%، وفي قطاع الصناعة بنسبة 30% وفي قطاع الخدمات بنسبة 30%.
أما فيما يتعلق بمتوسط دخل الفرد السنوي، فقد تضاعف متوسط الدخل الفردي من 250 دولارا في سنة 1970م إلى 1740 دولارا في سنة 1994م، وقد تطورت الاستثمارات من 1684 مليون دينار في سنة 1990م إلى 3214 مليون دينار في سنة 1993م.
الزراعة التونسية
تتنوع مجالات النشاط الاقتصادي في تونس ومن أهمها: الزراعة: بحكم موقعها الجغرافي تعتبر تونس دولة زراعية هامة، وتتميز بإنتاج زراعي متنوع، من: حبوب، وأشجار مثمرة وخضراوات بجانب تربية الماشية والصيد البحري.
وتنتشر زراعة الحبوب في كل الأقاليم وتمتد على مساحة 1.5 مليون هكتار، يتركز نصفها في شمالي البلاد خاصة بسهول التل الشرقي ومجردة الوسطى والتل العالي.
تذبذب الإنتاج الزراعي التونسي
يتصف الإنتاج الزراعي بالتذبذب وعدم الانتظام تبعا للمناخ السائد، فيكون ضعيفا في السنوات الجافة (250 ألف طن في 1988م)، وكبيرا في السنوات الرطبة (300 ألف طن في 1991م).
وإنتاج الحبوب بتونس غير كاف لسد حاجات الاستهلاك الداخلي إذ يفي بنصف الطلب فقط. وتسعى الدولة لتنمية قطاع الحبوب لتضمن الأمن الغذائي للبلاد، وذلك بتحديث طرق الإنتاج وتحسين وسائل الري.
وقد شهدت المحصولات الشجرية امتدادا مستمرا منذ الاستقلال؛ إذ تغطي ما يقرب من 1.7 مليون هكتار، وتشارك بثلث القيمة الإجمالية للإنتاج الزراعي، وبـ 60% من قيمة الصادرات الزراعية.
وتتكون الأشجار المثمرة من أشجار الزيتون والحمضيات والنخيل.
ويمثل الزيتون أهم الأشجار المثمرة، وتغطي حقوله 1.3 مليون هكتار، ويتصدر محصوله جميع الصادرات بنسبة 30%، ثم تليها الحمضيات والنخيل، وتنتج تونس نوع دقلة النور (30 ألف طن سنويا)، وتعتبر تونس من أهم البلدان المصدرة للتمور.
تغطي الخضراوات مساحة تقدر بـ 120 ألف هكتار وقد عرفت نموا كبيرا تمثل في توسع المناطق المروية وتحسين وسائل الإنتاج باستعمال البيوت المحمية.
الثروة الحيوانية التونسية
إن تحسن مستوى المعيشة ونمو السكان زاد من الطلب على المواد الغذائية النباتية والحيوانية، ويشهد قطاع تربية الماشية والصيد البحري نموا كبيرا ومستمرا، رغم أنه لا يفي بحاجيات الاستهلاك المحلي، وقد نما قطاع الدواجن بسرعة كبيرة في السنوات الماضية، فانتشرت الحاضنات الصناعية الحديثة في عدة مناطق، وأدى ذلك إلى تحسين وسائل التغذية بتوفير اللحوم والبيض والألبان.
الثروة السمكية التونسية
إن الثروة السمكية كبيرة ومتنوعة على طول السواحل التونسية، وقد ارتفع الإنتاج السمكي في السنوات الأخيرة إلى أقصى معدلاته حيث بلغ حوالي 87 ألف طن في عام 1994م، وأصبحت منتجات الصيد البحري تضاهي زيت الزيتون من حيث قيمة الصادرات.
ورغم النمو المطرد للإنتاج الزراعي، إلا أن الميزان التجاري الزراعي في تونس ما زال يشهد بعضا من العجز يرتفع مع الجفاف.
الطاقة التونسية
تنتج تونس كميات قليلة من النفط، ويوجد أكبر حقل في أقصى الجنوب، وهو حقل البرمة الذي دخل طور الإنتاج في عام 1966م.
وتمتلك البلاد حقولا أخرى في عرض البحر وفي اليابسة، لكنها محدودة الإنتاج، ويشهد الإنتاج تراجعا مستمرا لضعف المدخرات، وما يزال التنقيب عن النفط متواصلا.
ويستخرج الغاز الطبيعي من بعض الحقول أهمها حقل البرمة وعشترت وعليسة وغيرها. كما تنتفع تونس بكميات كبيرة من الغاز الطبيعي الجزائري الذي يصل إلى إيطاليا عبر الأراضي التونسية، وقد شرع في استثمار حقل مسكار الموجود في خليج قابس، ويقدر مخزونه من الغاز بـ 35 - 40 مليار متر3.
وتتولى الشركة التونسية للكهرباء والغاز إنتاج الكهرباء الحرارية والمائية، ويصل الإنتاج إلى 6.7 مليون ك واط/ساعة.
المعادن التونسية
تمتلك تونس مخزونا كبيرا من الفوسفات الذي أصبح، منذ السبعينات، يؤدي دورا اقتصاديا هاما، تمثل في تحويل الفوسفات إلى عدة مواد نصف جاهزة تستعمل في الصناعة الكيميائية في المجمع الصناعي الكيميائي بقابس، وتوجد أهم المناجم الفوسفاتية بحوض قفصة في الجنوب الغربي وبالقلعة الخصبة في التل العالي، واكتشفت حقول أخرى بصحراء ورتان ومكناسي، وتحتوي على احتياطيات كبيرة.
وتنتج المدن التونسية بعض المعادن كالحديد والزنك والرصاص، لكن لا يزيد الإنتاج من الحديد على 290 ألف طن تستخرج من جريصة.
ويستخرج الملح البحري من ملاحات مقرين والساحلين وصفاقس، وتصدر نسبة كبيرة من الإنتاج.
الصناعةُ
أهمية الصناعة التونسية
تعتبر الصناعة في تونس إحدى دعائم الاقتصاد المحركة للتنمية منذ الاستقلال، وقد أقيمت المشاريع الصناعية بفضل استثمارات هامة اعتمدت على رأس المال الخاص الوطني والأجنبي، وترمي السياسة التصنيعية اليوم إلى تحرير القطاع الصناعي لينسجم مع الاقتصاد العالمي.
وقد تطورت الصناعة التونسية وتضاعف عدد الوظائف في الصناعة التحويلية ثماني مرات بين عامي 1962م و1987م؛ أي من 40.000 وظيفة إلى 320.000.
وتتميز الصناعات التونسية بالتنوع.
الصناعات الآلية والكهربائية التونسية
وتشمل أنشطة متنوعة الإنتاج كالسبائك والفولاذ بمنزل بورقيبة الذي تشرف عليه الشركة التونسية لصناعة الحديد.
وكقطاع السيارات والحافلات والشاحنات بسوسة والقيروان ومنزل بورقيبة.
صناعة مواد البناء والخزف والبلور: شهدت هذه الصناعة نموا كبيرا فارتفع إنتاج الإسمنت والجير والكلس، وأصبحت تونس تصدرها إلى الخارج.
وتوجد أهم المعامل بجبل الجلود وبنزرت والنفيضة وقابس.
الصناعات الكيميائية وصناعة النسيج
ترتكز الصناعات الكيميائية التونسية على تحويل الفوسفات لإنتاج الحامض الفوسفوري وثالث الفوسفات الرفيع.
وأهم المراكز الكيميائية: قابس، وصفاقس، والصخيرة. صناعات النسيج والملابس الجاهزة والجلد والأحذية: يعد هذا القطاع من أهم الصناعات في تونس؛ إذ يعمل فيه قرابة 200.000 عامل.
وقد تطورت هذه الصناعات منذ عام 1972م بالتركيز على الصناعات التصديرية.
وتوجد أهم المراكز الصناعية في: تونس العاصمة، وبنزرت، والوطن القبلي، والساحل، وصفاقس.
 ويساهم قطاع النسيج بنسبة 40% من الصادرات الصناعية.
الصناعات الغذائية الزراعية التونسية
هي من أقدم الصناعات بتونس، وتوجد بصفة خاصة على السواحل الشرقية والعاصمة وأهمها: معاصر الزيتون، وصوامع الغلال والخضراوات والسمك والحليب.
وتتميز الصناعة في تونس بكثرة المؤسسات الصغيرة التي تمثل 70% من المجموع لكنها لا توظف إلا 20% من جملة العمالة الصناعية.
ويتسم المجال الصناعي التونسي بالتباين وعدم التوازن بين الأقاليم الساحلية الشرقية التي تتجمع بها أهم المنشآت الصناعية والأقاليم الداخلية الغربية والجنوبية التي تفتقر إلى الصناعة باستثناء الصناعات الاستراتيجية والمنجمية.
وينتظم المجال الصناعي التونسي أساسا بالساحل الشرقي من بنزرت شمالا إلى قابس جنوبا.
أشهرُ المدنِ الصناعيةِ
منطقة العاصمة
يوجد بتونس الكبرى 40% من العمالة الصناعية و35% من المؤسسات الصناعية التي تتوزع بين وسط المدينة والضواحي، وتوجد المصانع الكبرى في الجنوب (جبل جلود، ابن عروس) وفي المنطقة الصناعية بالشرقية.
منطقة بنزرت ومنزل بورقيبة
تحتوي هذه المنطقة على وحدات صناعية ثقيلة (كصناعة الصلب وتكرير النفط)، وتنوعت الصناعة في كل من بنزرت ومنزل بورقيبة، وتوجد مراكز أخرى مثل ماطر، ورأس الجبل، ورفراف، ومنزل جميل.
منطقة الوطن القبلي
تعتمد الصناعة في هذه المنطقة القريبة من العاصمة على توافر أيد عاملة ماهرة وعلى نخبة من الممولين المحليين؛ لذا نمت الصناعات الخفيفة والمؤسسات الصغيرة في قطاعات متنوعة كالنسيج والجلد والخشب.
وانتشرت المعامل في مدن متوسطة وقرى عامة بالساحل: قليبية، وتازركة، ودار شعبان، ونابل والحمامات، وفي الوسط والغرب: قرنبالية، وسليمان، وبوعرقوب.
منطقة الساحل
شهدت الصناعة بها نموا متواصلا منذ الاستقلال، حيث اعتمدت على التمويلات الحكومية ورءوس الأموال الخاصة الوطنية والأجنبية.
وقد انتشرت الصناعات التحويلية الخفيفة خاصة النسيج في المدن والريف مع تجمع هام على المناطق الساحلية بين سوسة وقصر هلال، أي في ولايتي سوسة والمنستير.
وقد أنشئت بالساحل أكثر من 60 مؤسسة صناعية تصديرية أجنبية يعمل بها نحو 10.000 شخص.
منطقة صفاقس
تحتل المركز الثاني في الصناعة التونسية بعد العاصمة (أكثر من 18.000 عامل و200 مؤسسة).
وقد بدأت الصناعة في صفاقس منذ الفترة الاستعمارية بمعاصر الزيتون وبوحدتين لتحويل الفوسفات.
ونشطت الصناعة منذ الاستقلال بفضل التمويلات الخاصة المحلية، واعتمدت على المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة من نسيج وجلد وغيرهما.
وصفاقس أول مركز لصنع زيت الزيتون (35% من القدرة التحويلية)، وتمثل الصناعة الكيميائية قطاعا هاما رغم منافسة قابس ومراكز أخرى.
وتتمركز المؤسسات الصناعية في وسط المدينة وجنوبها وشمالها على طول الساحل.
منطقة قابس
أصبحت مدينة قابس مركزا كيميائيا منذ بداية السبعينات من القرن العشرين؛ إذ تحول مصانعها 60% من الإنتاج الوطني (الفوسفات) إلى حامض فوسفوري، وحامض كبريتي، وأسمدة فوسفاتية وأزوتية.
وأنشئت أيضا مصانع للإسمنت والكلس.
ورغم أهمية هذا المركز بالنسبة للحياة الاقتصادية الوطنية والمحلية فهو لا يخلو من الجوانب السلبية التي تمثلت في تراجع الأنشطة التقليدية كالزراعة، والصيد البحري والصناعة التقليدية، وكذلك في تلوث البيئة.
الصناعة التقليدية التونسية
شهدت الصناعة التقليدية بتونس تطورا جديدا بفضل نمو السياحة.
وتوجد الصناعات التقليدية في عدة مدن وقرى، فتوجد صناعة نسيج الزرابي (أو السجاد) والمرقوم (أو السجاد اليدوي للزينة) بالقيروان وبنزرت، وأغطية صوفية مزخرفة بجربة وقفصة ووذرف، وأقمشة حريرية بالعاصمة، وملابس تقليدية وأقمشة قطنية بالساحل وخاصة بقصر هلال وقصيبة المديوني، وتوجد صناعة الجلد والخضب والنحاس بتونس العاصمة والقيروان وصفاقس، وصناعة الخزف بنابل وجربة، وصناعة الحلي بتونس ومكنين وجربة.
وتقوم الصناعات التقليدية بدور اقتصادي واجتماعي متميز؛ إذ يعمل بها نحو 150.000 عامل؛ أي 7% من القوة العاملة، وتساهم بـ 2% من الناتج الوطني الإجمالي، وتساهم بـ 100 مليون دينار في الصادرات؛ أي أكثر من زيت الزيتون.
السياحةُ
السياحة التونسية
منذ بداية الستينات من القرن العشرين أصبحت السياحة تؤدي دورا رئيسيا في الاقتصاد التونسي، حيث استضافت المدن التونسية 3.855.000 مليون سائح في عام 1994م، وتعد بذلك من أهم دول حوض البحر المتوسط السياحية وأولى الدول الإفريقية.
إن المعطيات الطبيعية (من مناخ مشمس، وامتداد شواطئ رملية)، والتاريخية (من آثار عديدة) من جهة، والقرب من أوروبا من جهة أخرى والتي تمثل أهم سوق للسياحة التونسية، بالإضافة إلى تنوع مصادر السياح (من مغاربية، عربية شرقية، أوروبية، أمريكية) كل هذه الظروف تفسر تطور السياحة في تونس.
تشجيع السياحة التونسية
لقد شجعت الدولة منذ البداية الاستثمار السياحي بفضل الشركة الوطنية للنقل والسياحة التي أنجزت المؤسسات السياحية الأولى، ثم أفسحت المجال للممولين من القطاع الخاص في تونس وفي الخارج وخاصة الممولين العرب السعوديين والكويتيين الذين أقاموا منشآت هامة في عدة مناطق سياحية تونسية.
كما دعمت الدولة البنية التحتية ببناء المطارات الدولية بالعاصمة، والمنستير، وجربة، وتوزر، وطبرقة.
أهمية السياحة التونسية
تشارك السياحة في النمو الاقتصادي والاجتماعي في البلاد؛ فهي تساهم في توفير العملة الصعبة التي بلغت 1325 مليون دينار في سنة 1995م، وهو أعلى دخل، أما مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي فكانت 9.5% في سنة 1977م، و6.7% في سنة 1988م، وبذلك تعوض العائدات السياحية تقريبا نصف العجز التجاري الخارجي التونسي.
ويعمل في النشاط السياحي عدد كبير من المواطنين بصفة دائمة وغير دائمة، وتنشط القطاعات الأخرى كالتجارة والصناعة التقليدية والنقل والمواصلات والخدمات وغيرها.
تنوع السياحة التونسية
تعد السياحة التونسية أساسا سياحة ساحلية واستجمامية؛ لذا توجد أهم التجهيزات السياحية بالواجهة الساحلية الشمالية والشرقية، في: العاصمة وضواحيها، والحمامات، ونابل، وسوسة، والمنستير، وجربة، وجرجيس، وبنزرت وطبرقة. وقد استحوذت هذه المناطق على 95% من التجهيزات السياحية و90% من الاستثمارات السياحية التي تحققت منذ أكثر من ثلاثين سنة.
وتحاول الدولة تنويع وتحسين الخدمة السياحية بالتركيز على السياحة الصحراوية وتنمية مناطق سياحية صحراوية كتوزر، ونفطة ودوز، وتشجيع السياحة الرياضية بإنشاء ملاعب الصولجان في أهم المراكز السياحية والسياحة الأثرية والحضارية. والتخصص الساحلي متواصل بحكم متطلبات السوق السياحية، ويظهر ذلك في أهم المشاريع المستقبلية الموجودة على الواجهة الساحلية (طبرقة، غار الملح، قربص، قليبية، حمامات الجنوبية).
التجارةُ الخارجيَّةُ
التجارة الخارجية التونسية
إن مقارنة قيمة الصادرات بقيمة الواردات توضح بعضا من العجز في ميزان التجارة التونسية الذي ارتفع إلى 1439 مليون دينار في عام 1990م.
بينما بلغت الواردات في عام 1996م 7542 مليون دينار، وبلغت الصادرات 5372 مليون دينار بعجز مقداره 2170 مليون دينار وتراوحت نسبة التغطية بين 60 و70%.
المبادلات التجارية التونسية
يوضح التوزيع الجغرافي للمبادلات التجارية التونسية أن البلدان الأوروبية تعتبر أكبر مصدر وأكبر مستورد من تونس؛ إذ تستقبل 81% من الصادرات التونسية، وتقدم لها 80% من وارداتها، بينما لا تمثل أقطار المغرب والمشرق العربي سوى 7% من الواردات و10% من الصادرات.
النّقلُ وَالمواصلاتُ
النقل والمواصلات التونسية
سواء على مستوى النقل البري أو البحري أو الجوي، تشهد المدن التونسية نشاطا مكثفا؛ يرجع إلى حيوية الأنشطة الاقتصادية والمبادلات مع الخارج، حيث تملك تونس شبكة خطوط حديدية تتكون من خط ساحلي شرقي يربط العاصمة بقابس، وتربط بعض الخطوط العرضية القادمة من الغرب المناطق التعدينية الداخلية بالموانئ.
وقد تدعمت الشبكة ببعض الخطوط الجديدة، وخاصة الخط الرابط بين قفصة وقابس الذي يؤدي دورا رئيسيا في نقل الفوسفات من مناجم منطقة قفصة إلى المعامل التحويلية بقابس.
تحسين شبكة المواصلات التونسية
ويوجد أيضا المترو الخفيف الذي أنشئ منذ أواخر الثمانينات من القرن العشرين بالعاصمة، وتمتد شبكة الطرق على مساحة 30.000كم منها 20.000 طريق معبدة.
وتتميز بكثافتها النسبية خاصة في المناطق الاقتصادية الهامة، وتقوم الدولة بمجهودات كبيرة لتحسين هذه الشبكة بمد طرق جديدة وبناء جسور ومحولات داخل المدن الرئيسية وبين المدن لتدعيم حركة المواصلات الاقتصادية والسياحية، وقد تم إنشاء طريق سريع يربط تونس العاصمة بالحمامات ومساكن في الساحل.
خطوط الأنابيب التونسية
تملك تونس أيضا خطوط أنابيب طولها 1530كم، تربط بعض حقول النفط الصحراوية التونسية والجزائرية بميناء السخيرة الذي يصله أنبوب آخر قادم من الوسط الغربي التونسي.
ويوجد أنبوب آخر مشترك تونسي جزائري يربط بين حقل حاسي الرمل وإيطاليا وينقل الغاز الطبيعي عبر تونس ومضيق صقلية.
وتنشط من جهة أخرى أنشطة الملاحة البحرية والجوية بتونس لتواكب الحركة الهامة والمتواصلة للمبادلات التجارية مع الخارج.
الموانئ والنقل البحري التونسي
تمتلك تونس عدة موانئ هامة مثل: موانئ تونس وحلق الوادي وصفاقس وسوسة وبنزرت، تدعمت في السنوات الماضية بموانئ جديدة تم إنشاؤها كموانئ: رادس، وقابس وغنوش، والصخيرة وجرجيس.
ويصدر أكثر من 90% من حجم المبادلات التونسية مع الخارج عن طريق هذه الموانئ.
وقد ارتفع حجم هذه السلع إلى 16 مليون طن في عام 1990م.
كما تختص الملاحة البحرية بنقل المسافرين كذلك، ويأتي ميناء تونس وحلق الوادي في مقدمة الموانئ التونسية التي تقل المسافرين، حيث تم عبور أكثر من 350.000 مسافر وأكثر من 100.000 سيارة عن طريق هذين الميناءين في سنة 1990م.
أما بقية الموانئ التونسية الأخرى (بنزرت، سوسة، صفاقس، قابس، ميناء رادس الجديد) فهي موانئ تستقبل البضائع والمواد الكيميائية والمعادن.
النقل الجوي التونسي
يوجد ستة مطارات هي: تونس قرطاج وهو منتظم الخدمات، وسقانص المنستير للخدمات السياحية، وجربة جرجيس للخدمات سياحية، وصفاقس المعو للخدمات المنتظمة، وتوزر نفطة للخدمات السياحية، ومطار طبرقة الدولي.
وقد بلغ عدد المسافرين جوا في سنة 1994م، 6.978.200 مسافر، وبلغ وزن البضائع المنقولة جوا في عام 1992م، 28 ألف طن.
عَلَمُ الدولةِ وشعارُهَا
عَلَمُ الدّولةِ وَشعارُهَا

ألوان العلم التونسي
يعود تاريخ العلم التونسي للقرن التاسع عشر، وقد أخذت ألوان العلم من العلم التركي حيث تبعت تونس الدولة العثمانية زمنا طويلا، كما تعتبر المساحة الحمراء والنجمة من رموز الدولة العثمانية، كما تعتبر النجمة والهلال من المظاهر الإسلامية.
النشيدُ الوطنِيُّ
النشيدُ الوطنِيُّ
النشيد الوطني التونسي
حماة الحمى يا حماة الحمى
هلموا هلموا لمجد الزمن
لقد صرخت في عروقنا الدماء
نموت نموت ويحيا الوطن
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
 ولا بد للظلم أن ينجلي
 ولا بد للقيد أن ينكسر
حماة الحمى يا حماة الحمى
هلموا هلموا لمجد الزمن
لقد صرخت في عروقنا الدماء
نموت نموت ويحيا الوطن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الجزائر

بطاقةُ تعارفٍ دولة الجزائر نظرة عامة للجزائر هي جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية Ageria، ومساحتها: 2.381.741 كم2، وعدد سكانها: 33.2 مليون نسمة. والكثافة: 13.2 نسمة بالكم2. وأهم مدنها: الجزائر، وهران، قسنطينه، عنابة. ودياناتها: 99% مسلمون، 1% مسيحيون، ويهود. وعملتها: الدينار الجزائري. ومتوسط دخل الفرد: 2.500 دولار. واللغة الرسمية هي اللغة العربية، بالإضافة إلى اللغة الأمازيغية وهي كذلك لغة وطنية. ونسبة المتعلمين: 44.68%. الثروات الطبيعية البترول، والغاز الطبيعي، وفلزات الحديد، والفوسفات، واليورانيوم، والرصاص، والزنك، والذهب. التاريخ السياسي للجزائر تاريخ الاستقلال: تم الاستقلال من الاحتلال الفرنسي في 5 يوليو 1962م. اليوم الوطني هو يوم الثورة 1 نوفمبر 1954م. تاريخ إقرار الدستور: جرت أول انتخابات تشريعية في الجزائر بتاريخ 20 سبتمبر 1962م لانتخابات المجلس التشريعي، وهذا ما سمح بإصدار دستور 10 سبتمبر 1963م. واسم المجلس هو المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة، وتاريخ تأسيس المجلس هو 1954م، وعدد غرف المجلس: غرفتان، وهما: المجلس الشعبي الوطني، ومجلس الأمة.

اليمن

بطاقةُ تعارفٍ نُبذةٌ عَنِ اليمنِ نظرة عامة عن اليمن الجمهورية اليمنية هو اسم الدولة، وعاصمتها صنعاء، والرئيس علي عبد الله صالح هو رئيس الدولة، والنظام الجمهوري هو نظام الحكم. وتقع اليمن في قارة آسيا يحدها البحر العربي، وخليج عدن من الجنوب، والبحر الأحمر من الغرب وعمان من الشرق والسعودية من الشمال. وتبلغ مساحتها 527.970 كيلو مترا مربعا. الثروات الطبيعية اليمنية هي البترول، والأسماك، والملح الصخري، والرخام، والذهب، والرصاص، والنيكل، والنحاس. ويبلغ عدد السكان 21.426.000 نسمة، والريال اليمني هو العملة الرسمية، واللغة العربية هي اللغة الرسمية، وتبلغ نسبة المتعلمين 54%. سياسة اليمن استقلت اليمن في 22 مايو 1990م من الاحتلال البريطاني، واليوم الوطني هو 22 مايو. وفي 16 مايو 1991م تم إقرار الدستور. وقد تأسس مجلس النواب في عام 1969م. وفي عام 1975م انضمت للاتحاد البرلماني العربي، وفي عام 1975م انضمت للاتحاد البرلماني الدولي. السُّكانُ السكان عدد سكان اليمن بلغ عدد سكان اليمن وفق تقديرات عام 2006م، 21.426.000 نسمة يتوزعون في جهات اليمن المختلفة، حيث بلغت نس

السعودية

بطاقةُ تعارفٍ بطاقةُ تعارفٍ نظرة عامة على السعودية المملكة العربية السعودية هو اسم الدولة، وعاصمتها الرياض، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز هو رئيس الدولة، والنظام الملكي هو نظام الحكم، وهي تقع في منطقة الشرق الأوسط، وتطل على الخليج العربي من الشرق والبحر الأحمر من الغرب، ومن الجنوب اليمن، وتبلغ مساحتها: 1.960.582 كيلو مترا مربعا. الثروات الطبيعية السعودية هي البترول، والغاز الطبيعي، والحديد الخام، والذهب، والنحاس. ويبلغ عدد سكان السعودية 24 مليون نسمة، والريال السعودي هو العملة الرسمية بالبلاد. واللغة العربية هي اللغة الرسمية. وتبلغ نسبة المتعلمين 78 %. وفي 23 سبتمبر 1932م استقلت المملكة. وتم توحيد المملكة في اليوم نفسه. سياسة السعودية في عام 1993م تم إقرار الدستور السعودي. وفي عام 1927م تأسس مجلس الشورى. وفي عام 2001م انضمت للاتحاد البرلماني العربي، وفي عام 2003م انضمت للاتحاد البرلماني الدولي. السُّكانُ السكانُ الكثافة السكانية السعودية بلغ عدد سكان المملكة العربية السعودية نحو 22.998.000 نسمة في عام 2004م، ويمثل السعوديون حوا